تسلم الباحث المغربي عبد السلام الشدادي, مساء أول أمس الثلاثاء بالرباط, جائزة «ابن خلدون -سنغور» للترجمة في دورتها الثالثة التي فاز بها عن ترجمته من العربية إلى الفرنسية لكتاب «سيرة ابن خلدون الذاتية». وتسلم الباحث المغربي هذه الجائزة خلال حفل نظم بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية حضره عبدو ضيوف الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكفونية ومحمد العزيز ابن عاشور المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) وبنسالم حميش وزير الثقافة. وتتولى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) منح هذه الجائزة بالتعاون مع المنظمة الدولية للفرنكفونية. ونوهت رئيسة لجنة تحكيم الدورة تهاني عمر, خلال هذا الحفل, الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس, بتميز ترجمة «سيرة ابن خلدون الذاتية» الصادرة عن دار الفنون والعلوم والآداب بالمغرب, والتي تتضمن التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا. وأضافت تهاني وهي الرئيسة الشرفية للجامعة الفرنسية بالقاهرة , أن نص السيرة الأصلية لابن خلدون هو التحام لتفاصيل حياة هذا المفكر العربي الكبير المليئة بالأحداث, بحيوات أساتذته وتلاميذه وأصدقائه, لتشد إليها الانتباه خاصة في ما يتلق بالسياق السياسي والتاريخي لحياة ابن خلدون. من جانبه, أكد عبدو ضيوف أن التعاون بين المنظمتين «مغامرة جميلة», وأنه أثمر مجموعة من الأعمال والمبادرات التي تساهم في النهوض بالتنوع الثقافي والألسني, وتشجع التبادل الثقافي والأدبي والحوار الحضاري بين العالم العربي والفضاء الفرنكفوني. وأوضح عبدو ضيوف أن القارة السمراء لا ينبغي أن تنقسم على أساس لغوي, مشددا على أن هناك قيما مشتركة بين العالم العربي والفضاء الفرنكفوني, مضيفا أن حماية الهوية الخاصة لا يمنع بأي حال من الأحوال الانفتاح على الآخر. ونوه الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكفونية في هذا الصدد بالترجمة التي أنجزها الأستاذ عبد السلام الشدادي باعتبار دورها في التعريف بان خلدون, الذي وصفه بالمؤرخ والفيلسوف, لدى الغرب وخاصة مقارباته الاجتماعية. ودعا الفرنكفونيين إلى اكتشاف ابن خلدون من خلال هذه الترجمة, محذرا في الآن ذاته من النقص الحاذ في الترجمة على الصعيد العالمي خاصة أنها تعاني من منافسة القطاع الخاص الأمر الذي يستدعي مزيدا من التشجيع لمراكز البحث وللناشرين أيضا. من جهته, أبرز محمد العزيز ابن عاشور أن التعاون بين المنظمة الدولية للفرنكفونية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) يعد شكلا من أشكال التبادل الثقافي بين الفضاءين العربي والفرنكفوني ويساهم في تعزيز جسور التقارب بينهما. وأضاف المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أن العلاقة بين اللغتين العربية والفرنسية عريقة, وذلك لقدرتهما على إثراء الحضارة الانسانية, مبرزا أن المغرب أحد حصون اللغة العربية. أما وزير الثقافة بنسالم حميش, فأكد أن تاريخ الترجمة العربية ارتبط بحلم للخليفة العباسي المأمون الذي أمر ببناء «بيت الحكمة», مبرزا أن الترجمة تعتبر بمثابة قنطرة بين الحضارات والثقافات. وأشار حميش إلى أن الفضل في حركية الترجمة يعود بالأساس فضلا عن الخليفة العباسي المأمون, إلى الخليفة أبو يعقوب يوسف الموحدي الذي كان لابن رشد, مفكر هذه الفترة, مكانة خاصة لديه بعد أن قدمه له ابن طفيل. وخلص وزير الثقافة إلى أن الترجمة تبقى عنوانا للتواصل بين الثقافات والحضارات, ولولاها لما كانت هناك أعلام خلدت لحظات في تاريخ الفكر الإنساني كالكندي والفرابي وابن سينا وابن رشد. وقد تكونت لجنة التحكيم الدورة الثالثة لهذه الجائزة , التي اجتمعت يوم 14 أكتوبر الماضي بباريس لتحديد الفائز بالجائزة, بالإضافة إلى رئيستها, من زهيدة درويش جبور أستاذة بجامعة طرابلس (لبنان), ومحمد محجوب المدير العام للمركز الوطني للترجمة (تونس) والكاتب رجا فرحات, ومحمد مصطفى القباج المدير التنفيذي لمركز الحوار بين الحضارات بجنيف (المغرب) وبسام بركة الأمين العام لاتحاد المترجمين العرب (لبنان). يشار إلى أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمنظمة الدولية للفرنكفونية أسستا جائزة ابن خلدون-سنغور للعلوم الانسانية بهدف النهوض بالتنوع الثقافي والألسني وتشجيع التبادل الثقافي والأدبي بين العالم العربي والفضاء الفرنكفوني, وهي تمنح سنويا بالتداول إلى أفضل نص معرب من الفرنسية وأفضل ترجمة من العربية إلى الفرنسية, وتتألف من شهادة موقعة من مديري المنظمتين, ومن مكافأة مالية. حضر هذا الحفل عدد من الشخصيات منها على الخصوص الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الحبيب بن يحيى و المدير العام لمعهد العالم العربي بباريس السيد مختار طالب بن دياب والمدير العام .