نزهة الصقلي: العديد من المتدخلين في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لم يستوعبوا مقاربة النوع قالت نزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، «إن تصنيف المغرب في الرتبة 127 من طرف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي في مجال تحقيق المساواة بين الجنسين، يبرز وجود اهتمام دولي بقضايا المرأة، وأن جميع الدول تعمل من أجل النهوض بأوضاع النساء. وذكرت نزهة الصقلي التي كانت تجيب على سؤال شفوي لثلاثة فرق نيابية ضمنها فريق تحالف القوى التقدمية والديمقراطية بمجلس النواب، أن جميع الدول باتت تبدي الاهتمام بقضايا المساواة بين الجنسين، وبالتالي لا يمكن أن «نتصور أن المغرب لوحده يقوم بذلك»، مشيرة إلى أن التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال المساواة، جاء متأخرا حيث إن المنجزات المحققة لفائدة النساء لم تحصل إلا بعد أن اعتلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، وكذا مع مجيء حكومة التناوب. وأوردت الوزيرة، أن المغرب كان عليه الانتظار لغاية سنة 2002، للانتقال من تمثيلية النساء بالبرلمان من 0,66% إلى 10,8%، لكن المؤسف حسب الصقلي، أن هذا المكسب تم التراجع عليه خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2007، حيث لم تتجاوز تمثيلية النساء 10،5%، وهو ما يفسر تواجد المغرب في الرتبة 96 عالميا، مع تراجعه من المرتبة الثانية إلى المرتبة 7 بالنسبة للدول العربية في الفترة ما بين 2002 و2007. وأوضحت الوزيرة أن تصنيف المغرب في هذه الرتبة يرجع بالأساس، إلى الولوج الضعيف لسوق الشغل بالنسبة للنساء (28 امرأة مقابل 84 رجل) كما أن دخل النساء يقل 4 مرات عن دخل الرجال، فعلى مستوى الحقوق الاقتصادية والتشغيل، يوضح التشخيص الضعف الكبير لمشاركة النساء كساكنة نشيطة حيث وصلت هذه المشاركة إلى 25,8% سنة 2009، بالإضافة إلى اشتغال النساء في القطاع غير المهيكل والأعمال الهشة (مساعدات عائلية غير مريحة). ولم تدع وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن الفرصة تمر دون إثارة انتباه البرلمانيين إلى الحيف الذي لحق المرأة البرلمانية من عدم تمثيليتها داخل الهياكل التدبيرية للمؤسسة التشريعية. كما شددت المسؤولة الحكومية، أنه إلى حدود يونيو 2009، ظلت النساء شبه غائبات كليا عن التدبير الجماعي مع ضعف التجهيزات الاجتماعية المتعلقة بحاجيات هؤلاء النساء، إلى أن استطاع المغرب بفضل المجهودات المبذولة، تحقيق قفزة نحو انتخاب 3428 امرأة، أي ما نسبته و12,38% من المنتخبين، لكن ذلك لم يترجم على مستوى رئاسة الجماعات، ولا على مستوى اللجان، ولا على مستوى المجالس الجهوية والإقليمية. بل الأكثر من ذلك، تضيف الوزيرة، أن النساء المنتخبات يتعرضن داخل بعض الجماعات للتهميش والإقصاء من طرف زملائهم الرجال. وأوردت نزهة الصقلي أن الميثاق الجماعي ينص على خلق لجان للمساواة وتكافؤ الفرص، وأن وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن وقعت في هذا الإطار، عقد برنامج مع وكالة التنمية الاجتماعية لمواكبة الجماعات، إلا أنه يتعين على جميع الرؤساء الانخراط في هذه العملية. ولم تخف الوزيرة قلقها من استمرار الفوارق على مستوى ولوج النساء لمناصب المسؤولية حيث تحتل النساء حاليا فقط 14% من المناصب العليا، و10% كرئيسات أقسام والمهام المماثلة، و16% كرئيسات مصالح ومهام ممثلة، رغم المنجزات التي حققها المغرب في مجال النهوض بمساواة النوع، مشددة على أهمية مختلف الأوراش التي أطلقتها بلادنا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي تعتبر أوراشا كبرى لتكافؤ الفرص ومحاربة الفوارق المجالية أو تلك المبنية على النوع. وخلصت نزهة الصقلي إلى أن مقاربة النوع لم يتم استيعابها بعد، ولم يتم إدماجها بالشكل المطلوب من طرف العديد من المتدخلين في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في بلادنا، باعتبارها وسيلة للتحليل والتخطيط والإنجاز والمتابعة والتطبيق، مشيرة إلى أن إدماج مقاربة النوع في السياسات والبرامج التنموية شرط ضروري لتطوير المسلسل الديمقراطي والسير في اتجاه المساواة. وقالت الوزيرة بوجود مجموعة من الإكراهات التي تظل عائقا أمام تطبيق هذه الإصلاحات سيما العوامل السوسيو- ثقافية والتصورات السلبية. وأفادت الصقلي أن وزارتها قامت بوضع إطار عام لتنسيق السياسات العمومية والذي يحدد بالإضافة إلى المعايير والأهداف الواجب تحقيقها، مؤشرات للتتبع والجدوى، من خلال أجندة للتنفيذ مرتبطة بالأجندة الحكومية للمساواة 2010-2015، وذلك من أجل تطوير مقاربة شاملة لمحاربة الإقصاء والنهوض بثقافة المساواة، معتبرة أن هذه الأجندة تعتبر مخطط عمل الحكومة للإنصاف والمساواة بين الرجال والنساء، كما أنها تستجيب لالتزامات المغرب في مجال محاربة جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتتضمن هذه الأجندة التي وصفتها بخريطة الطريق، 100 إجراء لإنجاز 30 هدفا استراتيجيا يمس تسع مجالات ذات أولوية، ترمي كلها إلى المساهمة في إنجاز أهداف الألفية للتنمية لاسيما الهدف الثالث المتعلق بالنهوض بالمساواة بين الجنسين واستقلالية النساء. وكان النائب أحمد عموري عضو فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية، قد أثار في معرض سؤاله، المحاور التي أوردها تقرير المنتدى الاقتصادي الصادر في 12 أكتوبر المنصرم، والتي تحتاج إلى مزيد من الدعم. وذكر النائب أحمد عموري أن التقرير المذكور تطرق إلى الفرص الضئيلة المتوفرة للفتاة المغربية في مجالي التعليم والصحة، ومحدودية حظوظها للوصول إلى مواقع اتخاذ القرار وإلى المؤسسات التمثيلية، معربا عن أسفه لهذه الخلاصات التي اعتبرها صادمة، بالنظر إلى الخطوات الجبارة التي قطعها المغرب في السنوات الأخيرة من أجل تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين.