تتعرض هذه الأيام الفنانة لطيفة أحرار لهجومات إعلامية واتهامات يقودها الأصوليون، عقب عرض عملها المسرحي الأخير: (كفر ناعوم). الضجة التي أقامها أصوليونا، حركها مشهد واحد في المسرحية، وتستهدف لباسا ظهرت به الممثلة على الخشبة، وهذا كان كافيا ليهز عالمهم الأسود، ويتملكهم السعار، ويلجأون إلى اتهام الفنانة بالفحش وبالإخلال بالحياء... لسنا هنا بصدد قراءة نقدية للمسرحية، فهذا يعود للنقاد والمختصين، بعد أن يشاهدوا طبعا العمل، وليس كما فعل «حراس الأخلاق الجدد» الذين لا يذهبون أصلا للمسارح ولقاعات السينما وللمعارض، ومع ذلك يهاجمون الأعمال الفنية ومبدعيها...، إنما الغاية هنا التنبيه إلى خطورة هذا التهييج الإعلامي ضد الفنانين والمبدعين، بحجة «الإخلال بالحياء...». أولا، لطيفة أحرار ممثلة، وبذلك فهي تشخص أدوارا مختلفة، قد تفرض عليها ارتداء مايو أو برقع أو سلهام، ووحدهم النقاد بإمكانهم القول إن كان اللباس المستعمل منسجما مع متطلبات العمل الفني أم لا . ثانيا، لطيفة أحرار قدمت عملها الفني في قاعة مسرح، ولم ترتد اللباس المذكور في الشارع، أو داخل بيت أحد من الذين يشتمونها اليوم. ثالثا، لطيفة أحرار، بمعية باقي الطاقم الفني والتقني، هم أصحاب العمل ومبدعوه، ولم يكن عليهم أثناء إعداده أن يتصلوا بأصحابنا الأصوليين، ليمنحوهم شهادة تزكية قبل العرض، أو خاتم «حلال». من الواجب التذكير اليوم بهذه البديهيات، لأن البعض ينسى أحيانا أننا نعيش في المغرب وليس في جبال طورا بورا. هل يراد للمرأة اليوم ألا تمثل إلا بحجاب أو نقاب أو برقع؟ هل يراد للمرأة أن تبتعد نهائيا عن التمثيل والغناء والرسم والنحت...؟ وهل يراد لبلادنا أن تكون لها هيئة رقابة قبلية توزع تراخيص العرض على من شاءت وتحجبها على كل من رأى «المشايخ» أن فنه يهدد «أخلاق الأمة»...؟ لماذا، وحتى عندما يتعلق الأمر بامرأة فنانة أو كاتبة أو مثقفة، لا يفكر الأصوليون إلا بأسفل الأجساد؟؟؟ إن الهجوم على لباس ممثلة، في مشهد مسرحي لا يتجاوز بضع دقائق، يذكرنا بضجة أصولية أخرى جسدتها «حرب الشواطئ»، وفي خلفيتها أيضا كانت المرأة حاضرة، ولباسها وجسدها كذلك... إن رفض الهجوم على لطيفة أحرار اليوم، هو رفض لكامل هذه العقلية الأصولية التي تهين المرأة المغربية، وهو أيضا دفاع عن حق المرأة المبدعة في ممارسة حريتها الفكرية، وهو أساسا دفاع عن المسرح وعن الفن...