اللون لا يساوي شيئا إذا لم يوضع في المكان المناسب في إطار رمضانيات البيضاء الثقافية، التي يسهر على تنظيمها الائتلاف المغربي للثقافة والفنون بشراكة مع المقاطعة الحضرية لسيدي بليوط،، خلال الفترة الممتدة إلى 5 شتنبر القادم، يقام معرض للفنان التشكيلي المغربي إبراهيم حنين، برواق المركب الثقافي سيدي بليوط. يقول بخصوصه الناقد محمد أديب السلاوي، في الورقة التقديمية،»لا يكتفي حنين بنقل صورة الحرف العربي إلى العين المتلقية، نقلا ميكانيكيا، بل ينغمس بقوة في جذوره المترابطة حول العقيدة والحضارة والتاريخ، مما يضفي على هذا التعامل الإبداعي شخصية متميزة، تخاطب العقل والوجدان في الآن نفسه، تعزف دون تكلف على أوتار تهز المشاعر من جذورها الروحية، وتعطي اللوحة، كما لحروفها وجودا نورانيا، مرتبطا بالمقدس في أبعد الحدود..». بهذه المناسبة، أجرينا حوارا مع الفنان التشكيلي إبراهيم حنين، الذي تحدث من خلاله إلى بيان اليوم، عن دواعي اهتمامه بالحرف العربي، وظروف إعداده لهذا المعرض، ومجمل مراحل تجربته التشكيلية. * نود أن تقربنا من أسس تجربتك التشكيلية؟ - تخبطت في عدة مهن صناعية يدوية، اشتغلت في مجالات الطباعة والنسيج والإشهار وغير ذلك، وهو ما مكنني من الحصول على رصيد مهم في ما يخص تقنيات العمل.أنا خطاط منذ البداية، اهتممت بهذه المهن اليدوية، ووظفتها في مجال الخط العربي.وهكذا امتزج عملي التشكيلي بفن الخط العربي، حيث جعلت منه تعبيرا عن معاناة الإنسان، يتجلى ذلك بالخصوص في حرف الحاء، الذي اتخذته رمزا للإنسان. * لماذا اتخذت حرف الحاء دون غيره، رمزا للإنسان؟ - الحاء هو رمز للإنسان، لأن هذا الحرف هو الأول من حروف اسمي العائلي. فلوحتي دائما تتميز بطابع روحاني مقدس، مع الوعي بأن اللون لا بد له من سند. * ماذا يمثل هذا المعرض في خضم تجربتك الفنية؟ - هذا المعرض، يضم لوحات كنت قد أنجزتها لعرضها في بكين عاصمة الصين، ومن هذه اللوحات ما أنجزته هنا في المغرب وكذلك في أبي ظبي، بالنظر لتواجدي في الديار الإماراتية، حيث كلفت بكتابة ثلاثة أحزاب من الذكر الحكيم، على أكبر جدار داخل المسجد، جهة المحراب، يصل علوه إلى مائة وثلاثين مترا، ويتألف من ثلاثة طوابق،أما اللوحة فيبلغ علوها خمس وعشرون مترا.لوحات هذا المعرض، أنجزت خلال هذه السنة نفسها، كل لوحة تمتاز بموضوع خاص، ليس هناك تكرار، للدلالة على اهتمامي وغيرتي على الحرف العربي، خشية من انقراضه، ذلك أن الحاسوب طغى على حياتنا اليومية وعلى الحرف العربي، هكذا فخشية مني على ضياع هذا الحرف المقدس أوظفه في جميع أعمالي. أتأسف لكون بلدنا لا توجد به مدارس لجماليات الخط العربي، ولعله البلد الوحيد في العالم الإسلامي الذي لا يتوفر فيه هذا النوع من المدارس. * من أين تستوحي مواضيع لوحاتك؟ - كل ما أستنتجه من المساجد، يشكل موضوعا لأعمالي، أستوحي هذه المواضيع من فضاء المسجد: الصومعة، الأهلة، الأقواس، وغير ذلك من المكونات، أما النصوص فهي غير مقروءة، بمعنى أن ما يهمني هو حركات الخط العربي. * سبق لك أن عرضت هذه اللوحات في الصين، كيف كان تجاوب المتلقي الصيني معها، سيما وأن هناك اختلافا حضاريا ولغويا وما إلى ذلك؟ - كان هناك تجاوب مهم مع المتلقي في الصين، فالحضارات عندما تلتقي، يحس الساهرون عليها، بأن هناك حضارة أخرى داخلية غير منظورة، أنا لم أتأثر بهذه الحضارة، ولكنني تعرفت عليها. * نعرف أن اللون الأخضر، له دلالة رمزية تحيل على ما هو ديني مقدس، ما علاقتك بهذا اللون، وكيف توظفه في لوحاتك؟ - أوظف الألوان حسب المزاج. اللحظة الآنية التي أعيشها، هي التي تفرض علي توظيف هذا اللون أو ذاك، إنه يمليه علي في الغالب السند أو الأرضية.الألوان كلها محبوبة عند الإنسان، بشرط أن توضع في مكانها المناسب، اللون لا يساوي شيئا إذا لم يوضع في المكان المناسب.