الموقع الجغرافي والجيو الاستراتيجي للمغرب والبرتغال يجعلهما قريبين من بعضهما، فضلا عن وجود بحرين كبيرين ومهمين هما المتوسط والأطلسي، وكل هذا يجعلهما مؤهلين لتفعيل شراكة استراتيجية بينهما تكون مربحة لهما معا. في الزيارة التي قام بها لبلادنا رئيس الجمهورية البرتغالية مارسيلو نونو دوارتي ريبيلو دي سوزا، بدعوة من جلالة الملك، وفي مختلف مباحثاته بالمغرب انكب البلدان على التعاون الثنائي بينهما وسبل الارتقاء به، بالإضافة الى تدارس مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ولكن عند كل حديث عن العلاقة بين الرباط ولشبونة يبرز دائما سؤال استثمار هذا القرب الجغرافي والموقع الاستراتيجي لتمتين التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين. في هذا الإطار، يواصل المغرب والبرتغال عملا مهما واستراتيجيا يتعلق بمشروع الربط الكهربائي، وتبلغ طاقته حوالي ألف ميغاوات، وهو من شأنه تمكين البلدين من تبادل الكهرباء، وتحسين تدبير شبكتيهما. هذا التعاون يبقى ذَا مضمون وبعد استراتيجيين كبيرين، ويمثل مدخلا لتكريس تعاون أساسي بين البلدين في مجال الطاقة، ومحفزا على السير المشترك نحو بناء «مركز طاقي إقليمي". المجال الثاني المؤهل اليوم لبلورة شراكة ثنائية ناجحة ومربحة بين الرباط ولشبونة يهم بلدان افريقيا الناطقة بالبرتغالية، ذلك أن المملكة صار اليوم فاعلا اقليميا جديا وأساسيا على صعيد القارة الافريقية، وعدد من دول القارة مستعدة لتمتين تعاونها مع الرباط ولديها ثقة في مبادرات وبرامج ومشاريع المغرب الموجهة اليها، ويمكن للتعاون المغربي البرتغالي تقوية الحضور الاقتصادي والتنموي لفائدة الشعوب الافريقية الناطقة بالبرتغالية. الملفان المشار إليهما: التعاون الثنائي في مجال الطاقة والربط الكهربائي، والتوجه المشترك نحو افريقيا، وخصوصا الدول الناطقة بالبرتغالية، هما معا يستطيعان صياغة شراكة نموذجية بين المغرب والبرتغال. وفضلا عن ذلك، هناك مجالات أخرى تشهد تعاونا ثنائيا بين البلدين، مثل: التعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والفنون، النسيج والبناء والصناعة الغذائية وتربية الأحياء المائية، ثم بالطبع تبادل المنتوجات والتعاون التجاري بين البلدين، وأيضا إقبال عشرات المستثمرين البرتغاليين على العمل في المغرب والاستقرار فيه، وكل هذه المجالات تتطلب مواكبة وتطويرا مع استثمار أفضل للقرب الجغرافي واستقرار العلاقات السياسية والديبلوماسية. التعاون بين المغرب والبرتغال يعتبر اليوم نموذجا لشراكة ناجحة ومثمرة يمكن أن يجري تفعيلها بين بلدين قريبين من بعضهما البعض، كما يمكنه أن يمتد ويتوسع ليكون اقليميا وينفتح على بلدان ومناطق في افريقيا أو خارجها. أجواء الاستقبال الذي حضي به الرئيس البرتغالي في المغرب، وحجم الاحتفاء الذي خَص به جلالة الملك ضيفه الكبير تكرس هذا الوعي، وقناعة الرباط ولشبونة بضرورة الانتقال الى سرعة أكبر على مستوى شراكتهما الثنائية التي لا تخلو من أهمية استراتيجية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته