جددت بلدان مجلس التعاون الخليجي منذ أيام، من خلال توجيه الخطاب إلى وزير الخارجية الأمريكي، مساندتها ودعمها للوحدة الترابية للمملكة وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية، ومثل ذلك خطوة سياسية هامة ومعبرة من لدن تحالف إقليمي عربي، يضاف إلى المواقف الداعمة للمغرب من طرف بلدان عربية وافريقية وأوروبية وغيرها، كما أنه في الواقع يكرس موقفا مبدئيا مساندا دأبت على التصريح به أغلب الدول الخليجية منذ سنوات. من المؤكد أن هذا الدعم الخليجي الجديد للمغرب يستحق تقدير المملكة وشعبها ومختلف قواها الوطنية، ويضيف لبنة أخرى لصرح العلاقات الودية التاريخية العريقة بين الطرفين، ولكن لا بد أيضا من التأكيد على أن مجلس التعاون الخليجي انتصر، في موقفه هذا، لمنطق شرعية القانون وللحرص على تقوية السلم والأمن والوحدة والاستقرار في العالم وفي منطقة الشمال الأفريقي بالخصوص. لقد حرص المغرب، من جهته، باستمرار على تطوير شراكته وتعاونه الاستراتيجيين مع البلدان الخليجية بناء على قواعد الوضوح والأخوة الصادقة، وضمن منطق"رابح – رابح"، كما أن مساندة المملكة لوحدة هذه البلدان الشقيقة وأمنها واستقرارها وسلامة أراضيها كان دائما ينطلق من قناعات مبدئية بلا أي مقايضة أو مزايدات مصلحية ضيقة، وكل هذا جعل العلاقات المغربية الخليجية تتواصل وتتطور عبر عقود بلا كثير مشاكل أو توترات صعبة، وهذا أيضا ما دفع الطرفين في السنوات الأخيرة للتأسيس لمرحلة جديدة في علاقاتهما تكتسي طبيعة إستراتيجية أكثر نجاعة. من جهة أخرى، لا بد كذلك من الإشارة الى أن بلدان الخليج تعاني بدورها من كثير اختلالات وتجليات ضعف سياسي وديمقراطي يجعلها باستمرار في عمق انتقادات دولية وإقليمية، وموضوع كثير من المواقف والتقارير، وكل هذا يبقى مسؤولية هذه الدول أولا، وهي من عليها التفاعل الإيجابي مع ذلك والسعي لإنجاح إصلاحاتها الداخلية وتحولاتها المجتمعية وفق انتظارات وتطلعات شعوبها. المغرب يصر على علاقاته وتعاونه مع أشقائه، ويقدر للجميع مساندتهم له، لكنه بنفس القوة يحترم الشؤون الداخلية للدول، ويعتبر ديناميات التحول من صنع الشعوب نفسها وضمن موازين القوى الخاصة بها، ولا يزايد على أحد أو يقدم له الدروس والوصفات السحرية بهذا الخصوص، وإنما بإمكانه المساعدة بالتجارب والخبرات والرأي متى طلب منه ذلك في إطار التشبث باستقلالية قرارات واختيارات الدول والشعوب واحترام إرادتها الحرة. بلدان مجلس التعاون الخليجي تعبر عن دعمها السياسي والدبلوماسي الواضح للمغرب في قضيته الوطنية، كما أنها تحرص على تقوية شراكتها الاقتصادية مع المملكة وتدعم ديناميته التنموية، ولهذا لا بد من السعي المكثف لتمتين هذه الدائرة الأساسية ضمن دوائر الدبلوماسية المغربية وتقوية الشراكة الاقتصادية والإستراتيجية معها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته