الزيارتان الملكيتان إلى السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أبرزتا ارتباطا حميميا وصداقة متينة بين المؤسسة الملكية في المغرب وحكام وأمراء البلدين الخليجيين، وهذا المعطى ليس بلا أهمية أو حدثا طارئا، وإنما هو يحيل على بعد استراتيجي راسخ منذ القديم لهذه العلاقات العريقة بين الطرفين. العلاقات بين المغرب وكل من السعودية والإمارات بالذات، سجلت أيضا تطورات نوعية في السنوات الأخيرة، وهذا تؤكده كثير وقائع وأحداث وإشارات، سواء من طرف البلدين المذكورين، أو من خلال دورهما المحوري في تطوير علاقات الرباط بمجلس التعاون الخليجي، كما أن الدينامية العامة التي تشهدها المملكة نجحت في إعادة رسم معالم العلاقات المغربية الخليجية، خصوصا على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والاستراتيجي، ولهذا تبقى زيارات جلالة الملك للبلدين المشار إليهما، أو لباقي بلدان وإمارات الخليج، مهمة وذات أثر ملموس في تقوية حضور المغرب وجاذبيته لهذه المنطقة الغنية بمواردها الطاقية وإمكانات صناديقها المالية السيادية، ومن ثم تعزيز أهمية وجهة المغرب لديها، وأيضا تمتين الشراكة الاقتصادية والإستراتيجية المغربية معها. اليوم أيضا هناك تحولات حاسمة تجري على الصعيدين الإقليمي والدولي، والمغرب معني بتطوير موقعه ودوره في مختلف هذه الديناميات الأمنية والسياسية والديبلوماسية والجيواستراتيجية، وفي صنع المناخ السياسي والنظام الإقليمي الجديدين والتأثير فيهما، ولإنجاح هذا الأفق لا بد من استثمار العلاقات التاريخية العريقة بين المملكة وبلدان الخليج، وأيضا الصداقة الشخصية والاحترام الكبير لجلالة الملك وسط هذه الدول ومجتمعاتها ولدى حكامها وقادتها، والتفاعل الإيجابي مع انشغالاتها وتطلعاتها. من جهة أخرى، تعيش المملكة العربية السعودية اليوم تحولها السياسي والمؤسساتي الداخلي وفق مقتضيات واقعها الخاص تحت قيادة عاهلها الجديد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وتواصل دولة الإمارات العربية المتحدة بدورها مسارها التنموي العالمي ودينامياتها الخاصة بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وفضلا عن ذلك تجري تحولات أخرى في باقي دول وإمارات الخليج، وقد درج المغرب على احترام الشؤون الداخلية لهذه البلدان والامتناع عن أي تدخل في إرادة شعوبها وموازين القوى بداخلها، ولذلك تطورت العلاقات على قواعد الاحترام والصداقة، وهذا ما يجب الإصرار دائما على تقدير أهميته والعمل من أجل تطويره، خطابا وسلوكا ديبلوماسيا وبرامج منتجة وناجعة للتعاون المشترك في مختلف المجالات. اليوم كذلك تلتقي البلدان الثلاثة (المغرب، السعودية والإمارات) في الدفاع عن استقرار المنطقة وأمن شعوبها، وفي محاربة التطرف والإرهاب، وهنا يجب أن يعمل المغرب على إبراز تجربته والتعريف بنموذجه التنموي والديني والديمقراطي الرائد والمتفرد على مستوى محيطه المغاربي والعربي، وبالتالي السعي إلى المساهمة في انتشار قيم الحوار والتسامح والاعتدال والديمقراطية والانفتاح. إن بلدان مجلس التعاون الخليجي تمثل اليوم دائرة مهمة من دوائر الشراكة المغربية وأفقا واعدا للاقتصاد الوطني، كما أن المملكة المغربية تمثل أرضية مهمة لهذه الدول الغنية من أجل الانفتاح على العالم من خلال أسواق أوروبا وإفريقيا بالخصوص، وتقدم أيضا فرصا مهمة لتنويع استثمار عائداتها من النفط والغاز، وكل هذا يعني وجود مصالح مشتركة لا بد من القبض عليها والعمل لخدمتها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته