شهر رمضان مناسبة لإذكاء روح التضامن والتكافل داخل المجتمعات الإسلامية ،وهو أيضا مناسبة لإعطاء صورة مميزة عن المسلمين من خلال الصفات الحميدة التي يتميز بها الإسلام في أكثر تعاليمه الدنيوية في مجال التآلف الاجتماعي والأسري والإنساني. شهر رمضان مدرسة روحية وتربوية عظيمة، وهو مناسبة لتعزيز قيم الصبر و والتكافل.. ومنحة إلهية لتقوية الانضباط النفسي لدى الصائمين، وتحصينهم من كثرة التبدير. ومن مزايا هذا الشهر الكريم تأهيل المسلمين للرقي روحيا وبدنيا . غير أن مقاصد الصوم تنحو لتعزيز قيم الترشيد والاقتصاد في الاستهلاك،نجد في هذا الشهر النزوع الجامح إلى الاستهلاك المنفلت وما ينتج عنه من اختلالات في الأوضاع المالية والصحية والاجتماعية للأسر. فما أن يقبل رمضان حتى يتذكر أكثر الناس موائد الإفطار والأكلات الشهية والوجبات الدسمة، ولذلك تقوم الأسر بإنفاق يتجاوز بكثير متوسط الإنفاق في الأشهر الأخرى. ولا يخفى على عامة الناس أن هذا الشهر إنما فرصة لتقوية الجانب الروحي للإنسان،والامتناع عن الطعام والشراب خلال النهار والإقلال منه في الليل لأن ذلك ينعش الروح وينعش الفكر ويسمو بالنفس ومشاعرها. والمشكلة المعاصرة لدى أغلبية الأسر المغربية في رمضان هي كثرة الإسراف خاصة في مشتريات الأغذية مما يؤدي إلى ضياع الكثير منها في هذا الشهر. إن تقرير حجم ما ينفق على المشتريات الاستهلاكية قبل أن يبدأ شهر رمضان وتوزيع ذلك على الأسابيع الأربعة للشهر، سيساعد على تكوين سلوك ادخاري لدى الأسر،وسيؤدي ذلك إلى الحد من الإسراف والعمل على ترشيد السلوك الاقتصادي خاصة والسلوك الاجتماعي عامة في هذا الشهر الكريم. فالتربية الاستهلاكية هي سلوك الإنسان في استهلاكه للماديات من غذاء وشراب ولباس وسكن . ومستوى الاستهلاك يعبر عن شخصية الإنسان والمجتمع وعن مستوى الفكري لدى الإنسان والمجتمع. والتربية الاستهلاكية تؤدي داخل المجتمع إلى سلوك جماعي يبني النموذج الاستهلاكي للمجتمع، وهذا النموذج الاستهلاكي إما أن يكون متجانس مع قيم المجتمع أو يكون متعارض مع هذه القيم. والتربية الاستهلاكية تهدف إلى توجيه الاستهلاك بهدف تحقيق التجانس بين استهلاك المجتمع وقيمه، وبين استهلاك المجتمع ومستواه الاقتصادي وبين استهلاك المجتمع ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إن التربية الاستهلاكية ليست خاصة برمضان فقط ولكنها جزء من تربية سلوك الإنسان عامة، والتربية الإسلامية تعتني بشكل كبير بالسلوك الاستهلاكي للمسلم، فهي تحارب مظاهر التبذير في الاستهلاك والمغالاة فيه،وهي من مظاهر الموجودة عامة لدى بعض الفئات الاجتماعية الميسورة في المغرب، كما أن شهر رمضان يظهر انتشارها بشكل عام. و تساهم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بشكل كبير في تشجيع هذا التوجه بسبب انتقال النظام التجاري من نظام الوحدات الصغيرة إلى نظام الأسواق التجارية الكبرى التي تسمح إمكانياتها بتعبئة المستهلك عن طريق حملات الإشهار والدعاية ويصبح المستهلك ضحية هذه التعبئة الإشهارية .