الأسماء والبروفيلات التي عرفت لحد الآن بشأن السفراء الذين تم تعيينهم عقب المجلس الوزاري الأخير بالعيون، ورغم أن اللائحة لم تصدر بعد بشكل رسمي إلى حد كتابة هذه السطور، تبعث إشارة نفس جديد جرى ضخه في جهازنا الديبلوماسي الوطني عبر العالم. فضلا عن تنقيلات همت سفارات بعض العواصم وجرى تغيير المسؤولين الأولين عنها أو ترقية بعض أطر وزارة الخارجية، فقد لوحظ تعيين شخصيات حزبية وحقوقية ووزراء سابقين على رأس ممثليات ديبلوماسية في قارات مختلفة، وهذا يمنح للعمل الديبلوماسي للمملكة نفسا "نضاليا" وتجربة ميدانية في التفاعل مع محافل مدنية وسياسية مختلفة لا يتوفران عادة لدى موظفين برغم كل ما قد يكون لديهم من خبرات ومعارف ومهارات. بلادنا اليوم تحتاج في كثير مناطق من العالم لبروفيلات مناضلة لها دراية بالتطورات والمميزات السياسية والتاريخية لبلدان لها تأثير في القرار الدولي والإقليمي، وتكون في نفس الوقت ممتلكة لمعرفة عميقة بشأن مختلف القضايا السياسية والحقوقية للمغرب، وذلك بما يجعلها قادرة على التعريف بالمملكة وبقضاياها ومصالحها الوطنية والإستراتيجية بالمعجم المطلوب في بلدان معينة وفي أوساط محددة. إن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والمساواة صارت اليوم ضمن معايير وأسس لغة الديبلوماسية المعاصرة، وأدوار المنظمات غير الحكومية والجمعيات الحقوقية والأحزاب ووسائل الإعلام باتت مؤثرة وموجهة لقرارات الدول والحكومات، ولهذا من الضروري لسياستنا الديبلوماسية أن تعكس تفاعل المغرب مع كامل هذه الدينامية والانخراط فيها والتأثير في معادلاتها عبر اللغة الخاصة بها وبالبروفيلات المناسبة وذات المصداقية وبلا أي برودة بيروقراطية، ومن ثم، فإن تعيين مناضلات ومناضلين بإمكانه أن يمثل بالذات هذه اللمسة المطلوبة لأدائنا الديبلوماسي اليوم. في السياق ذاته، لقد كرست التعيينات أيضا تكليف وجوه نسائية تمتلك رصيدا في المجال السياسي والحقوقي والجمعوي، وبعضهن لهن تجارب وعلاقات مهمة على الصعيد الدولي، وهذا من شأنه استثمار إمكاناتهن هاته، كما أنه يعزز صورة المغرب المختلف والمعتز بكفاءة نسائه. يبقى أن كل هذه الكفاءات السياسية والمهنية تتحمل هي كذلك مسؤولية إنجاح الخطوة، وتأكيد كون تعيينها لم يكن هدية أو تشريفا فقط، وإنما بالذات من أجل ما يتوفر لديهم من تجارب ومهارات و... مصداقية، وأيضا لخدمة أهداف ومصالح وطنية، علاوة على أن بعض هؤلاء لديهم علاقات سياسية وإعلامية وحقوقية واقتصادية قارية وعالمية من الضروري استثمارها لإنجاح مهامهم الديبلوماسية الوطنية ولخدمة الأهداف السياسية الوطنية والإستراتيجية والتنموية للبلاد. الخطوة الهامة التي أسست لها هذه التعيينات على صعيد الديبلوماسية الوطنية يجب إذن أن تكرس انطلاقة جديدة تقوم على النجاعة والهجومية وعلى صنع واقع جديد يقوي مكاسب بلادنا إقليميا ودوليا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته