«التانيت الذهبي» لمحمد مفتكر عن فيلمه «جوق العميين» فاز الفيلم المغربي الطويل "جوق العميين"، لمخرجه محمد مفتكر، بالجائزة الكبرى "التانيت الذهبي" لأيام قرطاج السينمائية في دورتها ال 26 التي اختتمت مساء السبت الماضي بتونس العاصمة. ويستعيد فيلم "جوق العميين" الذي سبق له أن حاز على العديد من الجوائز بالمغرب وخارجه آخرها حصوله على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للفيلم ببروكسيل في دورته الأولى، فترة انعطافية من التاريخ المغربي المعاصر فيما سمي بسنوات الرصاص بعوالمها السياسية والثقافية والاجتماعية، من خلال مسار حياة "جوق شعبي" يضطر أفراده إلى التظاهر بالعمى أحيانا بهدف إحياء أعراس عامة وحفلات مخصصة للنساء تقيمها عائلات مغربية محافظة. ويقدم مفتكر من خلال سرديته السينمائية التي تتخذ بعدا دراميا حزينا في بعض الأحيان قبل أن تنعطف في أحايين أخرى إلى أجواء الفكاهة الشعبية الساخرة، قصة تحكي سيرة ذاتية على لسان طفل يروي مسار فرقة موسيقية شعبية ل "العميين" تقاوم من أجل الحياة في مجتمع محافظ تحكمه سلطوية عمودية وأفقية، يتلمس طريقه نحو التشكل والبحث عن الذات واختيار الأفق وتحديد المصير. وكان مفتكر قد أعرب على هامش مشاركته في فعاليات أيام قرطاج السينمائية، أن هذا العمل، النابع في جوانب كثيرة من حياته الشخصية وذكرياته الطفولية وعلاقته مع محيطه، وخاصة مع الأب، يراهن "في مشهدية تلاقحية جمالية على استعادة عوالم مختلفة لفترة مهمة من تاريخ المغرب، من خلال صوت الطفل الذي بداخلي، والرؤية السينمائية للمخرج الذي صرته الآن".. وأضاف أن هذا الاستحقاق يثمن المسار والحصيلة والتجربة الإيجابية التي راكمتها السينما الوطنية خلال الفترة الأخيرة، مما جعلها محط اعتراف وتقدير عربي وإفريقي ودولي، مضيفا أن هذا الفوز يمثل أيضا تنويها والتفاتة للسينما التونسية التي "أثرت فينا بشكل كبير" في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، علاوة على أنه تتويج للسينما المغاربية خصوصا والإفريقية عموما. وأبرز المخرج أن اعتماد هذا الفيلم على سردية سينمائية ترتكز على الإيحاء والترميز والاشتغال على الأدوات الفنية بحرفية سينمائية معبرة أعطى للفيلم أيضا هذه الجمالية السينمائية الراقية، علاوة على أنه "لا يقدم دروسا، ولا يصدر أحكام قيمة سواء على حقبة أو على أشخاص، بل ينقل واقع مجتمع له الحق في أن يكون كما هو، وحياة أشخاص لهم الحق في الوجود كما هم، لذلك تفاعل الناس معه، وأحبوا أبطاله وتفاعلوا مع تلك الحقبة التي تناولها" بتلقائية وتعاطف. وفاز بالتانيت الفضي للجائزة الكبرى لأيام قرطاج السينمائية، الفيلم الجنوب إفريقي "نهر بلا نهاية" للمخرج أوليفيي هرمانيس، فيما حاز فيلم "على حلة عيني" للمخرجة التونسية ليلى بوزيد بالتانيت البرونزي. وأسندت لجنة التحكيم جائزتها للفيلم المغربي "الزين اللي فيك" للمخرج نبيل عيوش. يذكر أن فيلم "جوق العميين"، الذي قام بتشخيص أدواره الرئيسية كل من الفنانين يونس ميكري ومنى فتو ومحمد بسطاوي وفهد بنشمسي والطفل إلياس الجيهاني، سبق أن حصل خلال الدورة 16 لمهرجان الفيلم الوطني بطنجة على جائزة الإخراج وجائزة أحسن موسيقى تصويرية والجائزة الكبرى لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة وجائزة الوهر الذهبي بوهران.. يشار إلى أن المخرج المغربي محمد مفتكر بدأ مسيرته السينمائية بإخراج أفلام قصيرة من قبيل "ظل الموت" (2003) و"رقصة الجنين" (2005) و"آخر الشهر" (2007) و"نشيد الجنازة" (2008) و"محطة الملائكة" (2009)، ثم انتقل فيما بعد إلى إخراج الأفلام الطويلة: "البراق" (2011)، ثم الفيلم الأخير "جوق العميين" (2015).