الاستعداد لإنشاء هيئة خاصة بتنظيم القطاع وتقنين المنافسة فيه يتجه المغرب نحو تحرير سوق الكهرباء، لا فقط على صعيد الاستيراد، بل أيضا فيما يتعلق بدخول شركات خاصة مجال إنتاج الكهرباء وتسويقه. وتعزز المعطيات الصادرة مؤخرا عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية هذا المنحى من خلال تسجيلها، في نشرتها الظرفية لشهر نونبر الجاري، استمرار تراجع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لإنتاج هذه المادة مقابل ارتفاع إنتاجية القطاع الخاص منها. اقتحام الخواص لمجال إنتاج الكهرباء يتم من خلال مرحلتين. وقد شرعت الحكومة، في مرحلة أولى، بالترخيص، ضمن مشروع القانون الجديد للمقاولات الخاضعة للقانون العام أو الخاص، بإنتاج الكهرباء، اعتمادا على وسائلها الخاصة، وذلك بقدرة إنتاج تفوق 50 ميغاواط، على أن يخصص هذا الإنتاج للاستعمال الحصري للمنتج، وبيع الباقي للمكتب الوطني للكهرباء والماء حتى لا يحدث اضطراب في مخططات تزويد الشبكة الكهربائية الوطنية بهذه الطاقة، وهي أمور تضمنها الاتفاق الموقع بين الشركات والمكتب تشمل الشروط التجارية المتعلقة بنقل الطاقة الكهربائية إلى مواقع الاستهلاك. أما المرحلة الثانية فستشهد دخول منتجين خواص إنتاج الكهرباء، ليس فقط لاستهلاكهم الذاتي، بل أيضا من أجل تسويقه وتوزيعه مباشرة للمقاولات وأيضا للمنازل. وهي مرحلة يتوقع خلالها تراجع المكتب الوطني للكهرباء عن موقعه كمحتكر لإنتاج هذه المادة في ظل أزمة مالية خانقة لم تمكنه من مواكبة ارتفاع الاستهلاك الوطني من الطاقة الكهربائية. ويثير التحرير الكامل لقطاع الكهرباء تساؤلات كثيرة حول مستقبل هذا القطاع في غياب هيئة وطنية للتقنين، خاصة عندما يصل الأمر إلى البيع المباشر لهذه الطاقة إلى المستهلكين في الصناعة وفي المنازل. في هذا السياق، تعاقدت وزارة الطاقة والمعادن مع مكتب للخبرة لوضع إطار قانوني وتنظيمي من أجل إنشاء هيئة خاصة بتنظيم القطاع وتقنين المنافسة فيه. هذه الهيئة سيكون من مهامها ضبط العلاقة بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في القطاع، ومتابعة الاستثمارات، وتقييم النفقات والتكاليف، وأثمنة بيع الكهرباء، وتأمين الحق في الوصول إلى الشبكة الوطنية بالنسبة إلى المنتجين الخواص، خاصة بعد تبني القانون حول الطاقات البديلة، والذي يتيح للقطاع الخاص الاستثمار في إنتاج الطاقة المتجددة وتصديرها، في وقت لم يعد المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب الفاعل الوحيد في القطاع. للتذكير فقد وقع المكتب مؤخرا مع شركة "آسفي للطاقة" التابعة لمجموعة "دي جي في سويز" الفرنسية، وشركة "ناريفا هولدينغ" المغربية، ومجموعة "ميتسوي أند كو" اليابانية، على عقد يتم بموجبه تزويد مشروع محطة الفحم النظيف بآسفي بالطاقة الكهربائية على مدى ثلاثين عاما، وكذا بيع الطاقة الكهربائية للمكتب الوطني للكهرباء. تجدر الإشارة إلى أن مديرية الدراسات والتوقعات المالية سجلت، خلال الربع الثالث من عام 2015، أن مؤشرات قطاع الطاقة الكهربائية عرفت منحى إيجابيا بشكل عام، حيث شهد إنتاج الطاقة الكهربائية زيادة بنسبة 6,8 في المائة، بعد تسجيل نسبة 2.7 في المائة سنة من قبل. هذا التحسن في الإنتاج يتزامن مع ارتفاع استهلاك هذه الطاقة بنسبة 3.5 في المائة، الأمر لذي ساهم في انخفاض الميزان التجاري في الكهرباء مع إسبانيا والجزائر بنسبة 16,9 في المائة، في الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، وهو ما أسهم في تغطية انخفاض حجم الواردات بنسبة 16 في المائة، بعد تسجيل زيادة قدرها 14.5 في المائة خلال العام الماضي، مقابل زيادة الصادرات بنسبة 24.8 في المائة، حسب مديرية الدراسات والتوقعات المالية.