لقيت المسرحية المغربية "بين وبين" التي عرضتها، السبت الماضي، بالعاصمة التونسية، فرقة "نحن نلعب للفنون" في إطار "أيام قرطاج المسرحية"، تفاعلا وتجاوبا واسعين من قبل الجمهور الحاضر، وذلك بفضل الأداء الراقي والاحترافي للممثلين، وجمالية مكونات العرض المسرحي. وتميزت لحظات عرض المسرحية، التي أخرجها محمود الشاهدي، وأداها الثلاثي عادل أبا تراب وهاجر الشركي ومالك أخميس، بانصهار وثيق وتفاعلي بين الأداء المتميز لأبطال المسرحية، من خلال مشاهد ولوحات فنية مزجت بين المسرح والغناء والرقص، وبين أفق انتظار جمهور تونسي ومغربي متعطش للعمل المسرحي الأصيل. وأعرب كل من مخرج المسرحية محمود الشاهدي والممثلة هاجر الشركي وعادل أبا تراب عن ارتياحهم الكبير للتجاوب الواسع الذي لقيته المسرحية من قبل جمهور مهرجان قرطاج المرموق والعريق، مشيرين إلى أن ذلك يؤكد إبداعية وجمالية المسرحية، نصا وتشخيصا وسينوغرافيا وموسيقى. وفي هذا السياق، أوضح الشاهدي أن المسرحية، التي تعرض للمرة الثامنة والخمسين داخل وخارج المغرب، وسبق أن فازت بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للمسرح، تقارب قضايا الهجرة وإشكاليات الهوية والزواج المتعدد والاندماج الثقافي للمهاجرين في أوروبا، مضيفا أن رسالة هذا العمل الابداعي تتمثل في الدعوة للتعايش وتلاقح الثقافات والاحتفاء بالقواسم الانسانية المشتركة، بعيدا عن التعصب والانغلاق الديني والثقافي. وكانت فعاليات الدورة 17 لأيام قرطاج المسرحية، التي تحتفي بمئوية المسرح المغربي، قد افتتحت فعالياتها، الجمعة الماضي. ويتضمن برنامج هذه الدورة، التي ستتواصل إلى غاية 24 من الشهر الجاري، تقديم حوالي 67 عملا مسرحيا تونسيا، و29 عملا عربيا، منها خمسة أعمال مغربية، بالإضافة إلى 18 عملا من أوروبا و9 من بلدان تنتمي لمناطق أخرى. ومن المقرر أن تنظم الاحتفالية الخاصة بمئوية المسرح المغربي طيلة أيام المهرجان، مع جعل يوم الجمعة 23 أكتوبر يوما خاصا لإبراز مظاهر الاحتفاء بالمسرح المغربي، إذ ستشهد قاعات تونس العاصمة عرض خمسة أعمال مسرحية مغربية، اختيرت بالتنسيق مع الجهات التونسية. ومن المنتظر أن يعرف يوم 23 أكتوبر إلقاء محاضرة وتنظيم ندوة فكرية وتوقيع كتاب دليل المسرح المغربي، وكذا تنظيم أمسية فنية، هذا إلى جانب معرضين للكتاب المسرحي والصور المسرحية. وتستضيف هذه الأيام أيضا مجموعة من نساء ورجال المسرح المغاربة، الذين سيعقدون لقاءات مختلفة مع الفعاليات المسرحية التونسية، ومع باقي المسرحيين العرب والأجانب. وسيلقي المحاضرة الافتتاحية للفعاليات الاحتفالية بالمسرح المغربي مصطفى القباج، تحت عنوان "العمر القصير للمسرح المغربي". وتتوزع محاور ندوة مئوية المسرح المغربي، التي سيسيرها محمد بهجاجي، بين "الحركة المسرحية المغربية قبل الاستقلال" لعبد الرحمن ابن زيدان، و"المسرح المغربي من الاستقلال إلى الآن" لخالد أمين، و"المسرح المغربي والدولة (التقنين - التنظيم المهني - الدعم)" لعزالدين بونيت و"تجارب مسرحية مغربية (الطيب الصديقي، أحمد الطيب لعلج، عبد الكريم برشيد وعبد الحق الزروالي)" لمسعود بوحسين. كما ستكون الفرصة متاحة لرواد المهرجان لزيارة معرض الصور المؤرخة لمراحل من المسرح المغربي ومعرض الكتاب المسرحي المغربي وحفل فني موسيقي وعرض فني لمحمد الدرهم ومجموعة بنات كناوة.