منذ مدة لم أقم بزيارة قبر والدي. ليس لأنني ابن سيء أو إنسان مستهتر، لكن لأن حالة مقابرنا لا تشجع على زيارتها. أبواي مدفونان في طنجة بمقبرة المجاهدين، التي تشغل حيزا كبيرا من المدينة. الأشخاص الذين نعزهم هم في قلوبنا. القيام بزيارة قبورهم، فعل رمزي، وعلى المقبرة أن تكون مكانا لاحترامهم. هذا أمر بسيط. مقبرة طنجة عبارة عن مزبلة. أكياس بلاستيكية، أوراق الكارتون، قناني فارغة، سطول، نفايات العابرين أو الذين يعيشون هناك، براز حيوانات وحتى بشر. تعفنات، وبالأخص غياب تام لاحترام الأموات. إنها أكبر تجمع للمتسولين والمشردين من كل الأصناف. يستحيل أن تنعم بالأمن عند زيارة هذا المكان. البعض يفرضون عليك أنفسهم باعتبارهم مقرئين للمصحف، البعض الآخر يزاحمونهم ويتصارعون معهم لاحتلال أماكنهم، آخرون في الانتظار لمطالبتك ببعض النقود. أطفال يأتون مصحوبين بقناني بلاستيكية لري الأعشاب الرديئة المجنونة التي تغمر القبور المهملة. مهاجرون من دول جنوب الصحراء يعولون على عطف الناس الحزانى لأجل الحصول على بضعة دراهم أو الخبز والتين الجاف. يستحيل التركيز والتفكير بهدوء في أعزائنا المدفونين هناك. على بعد أمتار قليلة، المقبرة المسيحية، ليس فقط محروسة ومحمية، ولكنها كذلك منظفة ومصونة، هكذا، حتى أمواتهم ينعمون بشروط جيدة لأجل الراحة الدائمة ولأجل الاحترام. غير بعيد من هناك، مقبرة صغيرة للكلاب والقطط. إنها الوحيدة في المغرب. عندما كانت طنجة مدينة دولية، كان بعض الإنجليز والأمريكيين قد اشتروا قطعة من الأرض على الطريق المؤدي لملعب الغولف لأجل دفن حيواناتهم العزيزة على قلوبهم. تصوروا أن هذه المقبرة الصغيرة نظيفة، جميلة، نصبها التذكارية غير مخربة. إنها محمية بواسطة أغصان الشجرة العتيقة. طيب، لا أنصح بأنه يجب على المرء أن يكون مسيحيا أو حيوانا لكي يستحق مقبرة لائقة ونظيفة. لكن ما هو دور المجالس البلدية؟ ماذا تفعل السلطات وحتى عائلات المتوفين؟ لماذا لا يتم التكتل وخلق جمعية لصيانة هذه الأماكن التي توطئ للخلود. إنه خطأ الجميع. لمن نشتكي؟ من نخاطب؟ من يهتم بجودة الراحة الأبدية لأهالينا؟