مسار إبداعي متنوع انطلق مطلع السبعينيات من القرن الماضي كرمت الدورة العاشرة لمهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي، التي انطلقت فعالياتها مساء يوم الثلاثاء، الفنان المبدع محمد الدرهم الذي يعتبر من الأوائل الذين مارسوا المسرح الاحترافي مطلع السبعينيات من القرن الماضي قبل أن يلج عالم الموسيقى والإبداع الفني دون أن يقطع صلته بأب الفنون. وألقى مجموعة من الفنانين والمبدعين والمهتمين بقضايا المسرح ورفاق المحتفى به كلمات نوهت بعطاءات الفنان محمد الدرهم الذي تحمل دورة هذه السنة اسمه، مستعرضين إنجازاته وإسهاماته الفنية المتنوعة باعتباره، كان ولا يزال إلى جانب اشتغاله بالمسرح، أيقونة في مجال الموسيقى والغناء والإبداع الزجلي. واعتبرت هذه الشهادات أن الفنان محمد الدرهم، وعلى الرغم من انخراطه التام في مجموعة (جيل جيلالة)، كاتب وملحن ومغن وعازف فقد ظل المسرح يستهويه من حين لآخر وكانت له تجارب مع عدة فرق مسرحية إلى جانب نضاله في المجال النقابي من خلال وقوفه ودعمه لعدة مبادرات استهدفت بالخصوص تشكيل إطارات وهيئات للدفاع عن الفنان وعن مصالحه. كما تم خلال الحفل الافتتاحي لمهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي، الذي ينظمه الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح تحت شعار "نحو مأسسة المسرح الاحترافي" عرض شريط وثائقي رصد بعض المحطات في مسار الفنان المحتفى به، من خلال مشاركاته في بعض الأعمال المسرحية وانشغالاته الإبداعية والفنية. ومباشرة بعد الحفل الافتتاحي تم عرض مسرحية (المرتجلة الجديدة) لفرقة محترف فاس لفنون العرض والتي تم تقديمها خارج المسابقة الرسمية للمهرجان. وتحكي هذه المسرحية، التي ألفها المرحوم محمد الكغاط وقام بإخراجها حميد الرضواني، عن الصراع القائم بين الثالوث الذي يمثل سلطة داخل المسرح وهو الكاتب والمخرج والناقد والتقاطعات التي تحدث إثناء كتابة وإخراج العمل المسرحي إلى جانب التناقضات التي تطفو على السطح بين هذا الثالوث والممثل وكل المشاركين في العمل الإبداعي. وستعرف الدورة العاشرة لهذا الحدث الثقافي والفني، الذي يروم تفعيل حركية الفعل المسرحي بمدينة فاس والاحتفاء بالفرجة بمختلف تجلياتها، مشاركة مجموعة من الفرق المسرحية من المغرب ومصر والجزائر. ويتضمن برنامج هذه التظاهرة الفنية الكبرى، التي تنظم بدعم من وزارة الثقافة، وبشراكة مع ولاية الجهة والجماعة الحضرية لفاس، تقديم ستة عروض مسرحية منها عرض مسرحي خارج المسابقة الرسمية للمهرجان. وإضافة إلى مسرحية (المرتجلة الجديدة)، التي قدمت خارج المسابقة الرسمية للمهرجان خلال الحفل الافتتاحي، ستتبارى على جوائز المهرجان التي تحمل اسم (برج النور)، خمس مسرحيات هي (كرنفال) و(هي والقايد) و(حدو قدو) من المغرب، إلى جانب مسرحية (راحلة) من الجزائر ومسرحية (1980 وأنت طالع) من مصر. كما ستتميز دورة هذه السنة بتكريم مجموعة من الفنانين الذين ساهموا في النهوض بالفعل المسرحي بمدينة فاس وهم حسن جميل وعبد النبي المصواب بالإضافة إلى الفنان فريد بوزيدي. وموازاة مع هذه العروض الفنية والأنشطة الثقافية ستعرف دورة هذه السنة تنظيم ندوة فكرية حول موضوع "سؤال المهنية في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية" بمشاركة مجموعة من الباحثين والنقاد والمبدعين في مجالات المسرح والسينما والتلفزيون إلى جانب تنظيم حفلات لتوقيع مجموعة من الإصدارات الجديدة التي تجعل من المسرح موضوعا لها سواء إبداعا أو نقدا أو تنظيرا. وكان حسن علوي مراني، المدير العام للمهرجان، أكد، في الحفل الافتتاحي لهذه التظاهرة، أن الفعل المسرحي بالمغرب الذي راكم إنجازات ومكتسبات فنية وثقافية وتنظيمية مهمة ساهم من خلال أعمال كبيرة ومتوهجة في إشاعة قيم الديمقراطية وإرساء دولة الحق والقانون، مستعرضا المجهودات التي بذلت على مستوى السلطات العمومية في مجال مأسسة الدعم المسرحي والاعتراف بمهنة الفنان وخلق تعاضدية للفنانين وبناء المسارح ببعض المدن وغيرها. ودعا كل المهتمين والمعنيين بقضايا الركح إلى مضاعفة الجهود من أجل هيكلة الحقل الفني عامة والحقل المسرحي بالخصوص، والدفاع عن رجالات المسرح وبلورة رؤية مهنية واضحة وقابلة للتطبيق لمختلف القطاعات الفنية المرتبطة بالمسرح، مشددا على ضرورة تكثيف المبادرات والشراكة والقوة الاقتراحية من أجل هيكلة مجال الصناعات الثقافية خاصة ميدان الفنون الحية وفنون الأداء.