بعد أن قام رئيس "إقليم كردستان العراق"، مسعود البارزاني، بالاجتماع بالرئيس الأمريكي، باراك أوباما، استدعت الحكومة الأمريكية مسؤولين عراقيين من المطالبين ب«الإقليم السني» إلى أمريكا، ومن أبرزهم محافظ نينوى الهارب من الموصل، أثيل النجيفي، ووزير الخارجية السابق، رافع العيساوي. يعدُّ البارزاني والعيساوي، إلى جانب النجيفي، من المرحبين بقرار الكونغرس الأمريكي لتسليح «العرب السنة والبيشمركة» بشكلٍ مستقل عن بغداد. ويأتي مشروع «الإقليم السني» الذي يضم خمس محافظات هي: تكريت، والرمادي، والموصل، وديالى، وكركوك، ليصدم «التحالف الكردستاني»، الذي دأب على اعتبار كركوك «منطقة كردية». وفي وقتٍ يعوِّل فيه دعاة هذا «الإقليم» الجديد على دعمٍ مفترض من تركيا، ينقسم «التحالف الكردستاني» على نفسه إلى جناحين مختلفين حول الولاية الثالثة للبارزاني، هذا الخلاف الذي وصل إلى حد التهديد بإعلان السليمانية «إقليماً منفصلاً» عن «كردستان العراق»، فيما جاء إعلان حلبجة كمحافظة جديدة في السياق ذاته. في سياقٍ منفصل، أعلن العبادي قبول الدعوة التي وجهها له الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لزيارة موسكو وربما الحصول على السلاح بالدفع الآجل، لتلي ذلك زيارة الرئيس معصوم إلى طهران على وقع تعقيدات المعركة ضد «داعش». وفي سياق تصريحات القوى السياسية الأخرى، دعت كتلة «التغيير» (التي تقول برفض التوجهات الانفصالية للبارزاني) العبادي إلى «الشعور بالمسؤولية اتجاه إقليم كردستان»، وأعلنت أن «الكرد يدركون حجم الضغوطات، التي تتعرض لها حكومة العبادي على الصعد الأمنية والاقتصادية والسياسية، إضافة إلى الضغوطات داخل العملية السياسية، وخصوصاً من داخل التحالف الوطني.. وأن هناك توجهات خاطئة من الجهات التي لا يروق لها التقارب الحاصل بين حكومة العبادي، وحكومة إقليم كردستان، ومحاولاتها خلق حالة من التباعد بين الجانبين». وفي ظل التجاذبات بين قوى التحاصص العراقي، تعود مسألة الخلاف على ناحية النخيب (جنوب الأنبار) إلى خط المواجهة الطائفية من جديد, لتشكل تعبيراً عن إصرار القوى الظلامية على تمزيق العراق. إذ أنه وبمجرد إعلان قرار العبادي غير المتوافق عليه حول فصل ناحية النخيب أمنياً عن المحافظة، تمهيداً لضمها إلى كربلاء, تم إصدار البيانات التي تؤكد على أن ناحية النخيب ستظل تابعة أمنياً وإدارياً لمحافظة الأنبار، وأن النخيب تعد خطاً أحمراً (وما أكثر الخطوط الحمراء التي وضعتها القوى الطائفية والاثنية على خارطة الوطن..!). خطوطاً وهمية يراد لها أن تتحول إلى حدوداً للإقطاعيات، المسماة زوراً وبهتاناً فيدراليات. فضلاً عن محاولات تصعيد التوتر الطائفي الذي يسود مدينة بغداد إثر إضرام مليشيات النار بمبنى تابع إلى «ديوان الوقف السني» في الأعظمية، بعد بث إشاعة بوجود انتحاري بين حشود الزائرين المتوجهين إلى مدينة الكاظمية, مما أعاد إلى الأذهان الكارثة الإنسانية التي وقعت على الجسر الرابط بين الأعظمية والكاظمية، والتي راح ضحيتها أكثر من ألف مواطن. ومما زاد من المشهد السياسي تعقيداً, غياب الاستراتيجية العسكرية التي يجب أن تخضع لها تشكيلات القوات الحكومية والشعبية، وتدخل العوامل الإقليمية والدولية في المعركة ضد «داعش», وهذا ما جعل المسؤولين العراقيين يطلقون تصريحات مرتبكة ومتناقضة, بل ومضحكة، كحال تصريح وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، الذي وصف فيه حكومة العبادي ب«الحكومة الملائكية»، مما دفع الشعب العراقي للتندر بالقول: «إذا كانت هذه حكومة ملائكية، فما هو شكل حكومة الشياطين يا ترى؟». إن الخط الأحمر الوحيد الذي على الجميع أخذه بعين الاعتبار, هو وحدة العراق أرضاً وشعباً. أما لمن يريد أن يسير خلف الخطوط الوهمية التي تضعها الولاياتالمتحدة، ويعمل على الترويج لها دعاة تقسيم العراق, فما هي إلا خطوط لا وجود لها على أرض الواقع ومرفوضة بالإرادة الشعبية العراقية.