العشق والحق سيان، فالعشق حق، والحق عشق. الوطن علينا حق، وعشقه حق أيضا، لا أحد يحق له أن يصادر حقنا في عشق الوطن، لكن هل نقوى على عشقه جهرا؟ هذا ما يمكن أن نستشفه من الصيغة الاستفهامية لعنوان الإصدار الشعري الجديد للشاعرة والحقوقية حكيمة الشاوي "من يجرؤ على العشق؟" والذي لا تنتظر الجواب لكنها طرحته لتسائلنا عن علاقتنا بأوطاننا ، هذا الحبل المعنوي الذي يربطنا بمساحة تتعدى الجغرافيا، لتشمل تاريخنا، حضارتنا، أخلاقنا، واجباتنا، حقوقنا، ارثنا الإثني واللغوي والديني، كل هذه الكثافة تختزل في ثلاثة حروف و-ط-ن. كيف يمكن لأفئدتنا أن تحمل كل هذه الشحنة من المشاعر دون أن يمسه عطل من فرط العشق؟ لما الشاعرة لم تذعن ولم تستسلم بل شحذت فؤادها وأخضعت صمامه للمشرح، عبدت طريق القلب لتعشق به الوطن وأهل الوطن بدون أن يتعثر. فتستقبلنا في عتبة الديوان بقصيدة كتبتها بعد العملية الجراحية التي أجرتها على القلب معلنة: يا وطني المبجل أقسم بهذا الدم الأحمر وبالنجمة الخضراء وبصمام القلب الأيسر الآن أحبك أكثر قصيدة حكيمة الشاوي أثيرة، لا تستفرد بالمعشوق، لذا تدعونا في شذراتها بكرم حيث تقول: تعالو يا عشاق الوطن افتحوا ارواحكم الآن فالعشق والحق بلسم الاحزان ولم تتوان الشاعرة في قصائد الأضمومة الشعرية أن تعبر عن إطلاقية هذا العشق بدون شرط أو قيد، وتدثر هذا الوطن بقدسية الرباط، وتطلب من لم يلمسه هذا المس أن يبادر باتباع خطوات الهدى باعتناق تعاليم الاعتقاد بالوطن، حيث تقول في قصيدة العاشق يحترق: تعلموا أن حب الأوطان من الايمان وأن الصمت الأخرس من سلالة الشيطان منذ أن عانقت النظم، ظلت الشاعرة حكيمة الشاوي وفية لخلفيتها الحقوقية في الكتابة الشعرية، فالقصيدة لديها التزام وقضية واسترسال في نثر قيم الحب، كمتعبدة في محراب، وتكون بديوانها "من يجرؤ على العشق؟" قد ختمت ثلاثية العشق بعد اصداريها السابقين: "العشق المزمن" و"إشراقة الجرح والعشق" شعرا ولونا، وذلك بتزيين أغلفة إصداريها الأخيرين بلوحات من توقيعها. وهكذا تكون قد بلغت رسالتها لعشقها الأبدي بكل الجمر، و أبلغ شذرة تحضنها به حينما تقول: كل سنة وأنت وطني فمن منا إذن يجرؤ على قراءة هذا العشق.