نظم أطر حزب التقدم والإشتراكية بالدار البيضاء، مساء الخميس بالمركب الثقافي سيدي بليوط، أمسية ثقافية تخللها عرض للفيلم الوثائقي "رقصة الخارجين عن القانون" أمام جمهور ضاقت به جنبات قاعة العرض، تكون من صحفيين وأطر الحزب، وتم خلاله تبادل الآراء أثناء النقاش الذي عقب عرض الشريط. الفيلم من إخراج "محمد عبودي" وهو إنتاج فنلندي نرويجي، عالج موضوع الأمهات العازبات من خلال شخصية "هند"، الشابة القروية الفقيرة التي تعرضت للإغتصاب في ريعان شبابها لتنجب على إثره ابنتها "آية"، الأمر الذي أدخلها في دوامة من المشاكل، فعائلتها المحافظة لم تتقبل الموضوع وقامت بطردها من البيت، فضلاً عن المعاناة التي تسبب فيها دخولها السجن بتهمة الفساد، وعدم توفرها على أوراق تثبت هويتها وتمكنها من تسجيل ابنتها في سجلات الحالة المدنية. العمل يتماشى نظرة الحزب الاجتماعية وهويته الحداثية التي لم يتنازل عنها منذ عقود خلت، وعن المطالب التي تتماشى معها، بما في ذلك الدفاع عن الفئات الهشة كالأمهات العازبات. كما تم تقُديم الفيلم من حيث الشكل على أنه نموذج حقيقي للفيلم الوثائقي، إذ تميز بطول مدة التصوير التي بلغت سنة ونصف، عكس مجموعة من الأعمال التي تدعي الانتماء لنفس الجنس الفني دون استيفاء شروطه. بإنتهاء العرض فُتح المجال أمام الحضور لمناقشة مضامين الفيلم. وأفرز النقاش إجماعا بكون عمل كهذا يأتي في سياق مناسب جداً، خصوصاً أن المغرب بصدد نقاش مجتمعي واسع حول تقنين الإجهاض، ما كان سيجعل من تعميم الفيلم أمراً جيداً عوض بقاءه حكراً على نخبة ضيقة. وجاء على لسان أحد الحاضرين أن معاينة معاناة بطلة الفيلم يفترض أن يغير نظرة الكثيرين لموضوع الإجهاض، الذي يبقى أرحم بكثير من مشاهدة عدد غير قليل من بنات المغرب وهن يقاسين الجحيم نفسه. كما انتبه المشاهدون إلى كون الفيلم لا يتطرق لإشكالية الأمهات العازبات فحسب بل لعدد من المعضلات الاجتماعية كالإغتصاب، حيث سعى للتحسيس بقسوة المجتمع في التعامل مع البنت المغتَصبة كما لو أنها كانت مذنبة لا ضحية. ناهيك عن مسألة الدعارة التي حمل الظروف الاجتماعية والاقتصادية جزءاً من المسؤولية فيها، اذ كفت "هند" عن امتهانها بمجرد أن حصلت على عمل كريم، وهي التي كانت تمارسها بوجه تبدو عليه علامات الامتعاض وعدم الرضى عن النفس. وفي السياق نفسه لم يفوت المتناقشون الفرصة للإشارة إلى نقطة الظروف غير الصحية التي تحيط بالأطفال المولودين نتيجة علاقة غير زوجية، والتي لا ذنب لهم فيها، بالإضافة إلى تحمل المرأة وحدها تبعات هذا "الخطأ" والغياب شبه التام للرجل. يذكر أن هذا الفيلم قد تم عرضه بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة وشارك في عدد من المهرجانات كمهرجان مالمو للفيلم العربي بالسويد، كما حاز على عدد من الجوائز كالجائزة الكبرى لمهرجان الجزائر للفيلم، وجائزة الفيلم الوثائقي الدولي بمهرجان السينما المتوسطية بمارسيليا الفرنسية.