رغم أزمة التسويق التي واجهت العديد من الأعمال الدرامية المصرية خلال رمضان الحالي, إلا أن هذه الدراما أشعلت منافسة شرسة بين الفضائيات العربية للحصول على حقوق البث الحصري ل 50 مسلسلا رمضانيا مصريا بلغت كلفة إنتاجها نحو 180 مليون دولار. وبالموازاة مع هذا السباق الإعلامي بين الفضائيات للاستحواذ على أكبر قدر من الأعمال الحصرية عن طريق الانتاج المباشر أو شراء الحقوق, اشتعلت حرب من نوع آخر, هي حرب الاعلانات الدعائية (الأفيشات) التي تغطي جدران مختلف العقارات والمباني في مصر وهي تحمل صور أبطال ونجوم مسلسلات رمضان, علما أن عائدات القنوات التلفزية المصرية من الإعلانات التي ستبث خلال عرض هذه الأعمال يتوقع أن تفوق 90 مليون دولار. وبرأي النقاد فإن هذه الميزانية الضخمة للأعمال الدرامية لها ما يبررها, فهم يؤكدون أن هناك فرقا كبيرا بين دراما رمضان العام الماضي والحالي ليس فقط من حيث الشكل بل من حيث المضمون أيضا, فنصوص هذا العام تتسم بجرأة أكبر. ففي حين شهدت الدراما العام الماضى نوعا من الجرأة في تطرقها للسياسة الخارجية, امتدت «جرأة» المسلسلات هذا العام إلى تناول السياسة الخارجية والداخلية التي ترصد كل ما يدور فى مصر وعلاقتها بدول العالم, مثل مسلسلات «الجماعة» الذي تعدت الميزانية التي رصدت له السبعة ملايين دولار, و»سقوط الخلافة» بنفس الميزانية و»بره الدنيا» و»بفعل فاعل», علاوة على تناول قضايا اجتماعية شائكة مثل العنوسة في مسلسل «عايزه أتجوز», و»نعم مازلت آنسة», وتعدد الأزواج في «زهرة وأزواجها الخمسة». أجور النجوم من جهتها ارتفعت بشكل لافت هذه السنة حيث حصل النجم يحيى الفخراني على مليون ونصف المليون دولار لقاء لعب دور البطولة في مسلسل «شيخ العرب همام» وحصلت يسرا على مليون و 250 الف دولار عن بطولتها في مسلسل «بالشمع الأحمر» وهو نفس أجر الفنان نور الشريف الذي أدى بطولة مسلسل «الدالي» في جزءه الثالث فيما حصلت النجمة إلهام شاهين على مليون دولار مقابل بطولة مسلسل «امرأة في ورطة». وما يميز دراما هذا العام أيضا هو المنافسة الكبيرة للفنانين العرب لنظرائهم المصريين في أعمال مصرية وخاصة السوريين والفلسطينيين الذين انتزعوا دور البطولة لأول مرة في الدراما المصرية في مسلسلات مثيرة للجدل مثل مسلسل «الجماعة» الذي يلعب فيه دور البطولة الفنان الأردني الفلسطيني الأصل إياد نصار ومسلسل «سقوط الخلافة» الذي يلعب دور البطولة الفنان السوري عباس النوري في أول ظهور له على الدراما المصرية. حدة التنافس بين الأعمال الدرامية جعل العديد منها خارج حلبة السباق إما بسبب الأزمة المالية التي واجهت العديد من المنتجين أو لأسباب أخرى. فلأسباب أمنية منعت السلطات عرض مسلسل «عابد كرمان» من تأليف بشير الديك رغم أنه سبق تسويقه للتلفزيون المصري وتلفزيون (الحياة), فرغم تأكيدات المؤلف بأن عمله من وحي الخيال, إلا أن تشابه أحداثه مع وقائع من أرشيف المخابرات المصرية حالت دون عرضه. ولأسباب مالية أيضا تم سحب مسلسل «الدالي 3» و «فرح العمدة» و «أنا القدس» بعدم أن آلت للفشل المفاوضات بين منتجي هذه الأعمال وبين العديد من القنوات التلفزية. ورغم المنافسة التي لقيتها الدراما المصرية من نظيراتها خاصة بالخليج والاعمال التركية المدبلجة, إلا أن الأعمال التلفزية المصرية شهدت إقبالا لافتا من العديد من الفضائيات العربية خاصة الأعمال الكوميدية والتاريخية.