يتعرض الممثلان المغربيان سعيد باي ورفيق بوبكر لحملة عبر الأنترنيت جراء مشاركتهما في الفيلم الأمريكي "ابن الرب" الذي يحكي قصة السيد المسيح، النبي عيسى عليه السلام، والذي منعت عدد من الدول العربية عرضه في قاعاتها... لن نتوقف هنا عند مضامين الفيلم أو قيمته الفنية أو التاريخية، وإنما يهمنا استهداف ممثلين مغربيين عملا في الفيلم، وقد بلغ الجبن بمقترفي هذا الفعل المرفوض أن هددوا بقتل الفنانين الشابين، وقاموا بترويج أرقام هواتفهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعتبر تهديدا حقيقيا لسلامتهما الجسدية، ويقتضي تحقيقا أمنيا جديا بشأنه والسعي لتطبيق القانون في حق مرتكبيه وحماية المستهدفين بهذه التهديدات البشعة والجبانة. وقبل سعيد باي ورفيق بوبكر، كانت البرلمانية والناشطة السياسية والحقوقية خديجة الرويسي هي أيضا قد تلقت تهديدات بالتصفية من لدن جماعة إرهابية... ليس المهم اليوم اللجوء إلى أي نقاش فكري مع من يوزع التهديدات بالقتل، فهم لا يشاهدون الأفلام ولا يمتلكون أفكارا أو مواقف، وإنما المطلوب هو رفض همجيتهم وجنون أفكارهم وجرائمهم، والتصدي لها بتطبيق القانون في حقهم كمجرمين أولا وقبل كل شيء. استهداف حياة من يمتلك رأيا مختلفا والتهديد بقتله، هذا أمر مرفوض إطلاقا ويجب أن يدان مبدئيا من طرف الجميع. وبالنسبة للممثلين سعيد باي ورفيق بوبكر فهما فنانان محترفان، وعملهما أولا هو التمثيل، ومشاركتهما في فيلم، لا تعني، بالضرورة، الترويج لقناعات فكرية أو إيديولوجية أو عقائدية، وحتى محاورة عمل فني يجب أن تكون بالأدوات الفنية والنقدية، وليس عبر القتل والتشنيع والتهديد، بالإضافة إلى أن مثل هذه الحملات الهمجية من شأنها تهديد جاذبية سوق تصوير الأفلام الأجنبية ببلادنا، وخصوصا في وارزازات، ومن ثم، تخريب قطاع اقتصادي واجتماعي يتهيكل، وتستفيد منه مئات الأسر، علاوة على الأهمية الفنية والتقنية والإشعاعية التي يمنحها لقطاع السينما الوطنية... نصطف إلى جانب سعيد باي ورفيق بوبكر ضد هذا الاستهداف الجبان لحياتهما، ونتمنى ألا يؤثر ذلك على نفسيتيهما أو على مسارهما الفني والمهني، ونتمنى أيضا الاهتمام بحمايتهما وتشجيعهما ومساندتهما ضد المجانين والمعتوهين من جنود الظلام. إن ما يتربص ببلادنا من مخاطر إرهابية لا يقف فقط في الإطار العام الذي تستهدفه التنظيمات الإجرامية الإرهابية، وإنما يشمل كذلك الفنون والإبداع الثقافي، ويستهدف النشطاء الحقوقيين والصحفيين والمناضلين التقدميين، وبالتالي يرمي إلى المس بالنموذج المجتمعي المغربي القائم على الحرية والانفتاح والتعدد والديمقراطية، ولهذا، فالمواجهة لابد أن تكون، طبعا، عبر المقاربة الأمنية والقانونية، ولكن أيضا من خلال انخراط المثقفين والمفكرين والفنانين والصحفيين وعلماء الدين والفقهاء المتنورين والقوى السياسية والديمقراطية والحقوقية والنسائية والمؤسسة التعليمية والإعلام السمعي البصري، وذلك ضمن جبهة واسعة لحماية استقرار المجتمع وانفتاحه، ولصيانة المكاسب الديمقراطية لشعبنا... فنانونا هم صناع خيالنا الجماعي وذوقنا، ويعتبرون من قيمنا الرمزية الأساسية، ولهذا الدفاع عنهم اليوم هو دفاع عن روحنا، وعن حلمنا، وعن أفقنا المجتمعي المنفتح. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته