تحويل المساعدات الإنسانية الدولية المخصصة للسكان المحتجزين بمخيمات تندوف لوجهات أخرى اتهم الاتحاد الأوروبي الجزائر وجبهة البوليساريو ب "استغلال الدعم الإنساني الدولي الموجه لمخيمات تندوف"، وذلك بناء على تحقيق أشرف عليه المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال. وكشف التقرير أن الجزائر والبوليساريو تعمدان، منذ سنة 1991، إلى تحويل جزء كبير من المساعدات الإنسانية الدولية المخصصة للسكان المحتجزين بمخيمات تندوف في أعمال مشبوهة تمس قضية الصحراء المغربية. وحسب الدراسة الاستقصائية الأوروبية فإن هذه التحويلات الضخمة والممنهجة للمساعدات الإنسانية الدولية المخصصة لمخيمات تندوف تبدأ بميناء مدينة وهرانالجزائرية الذي تمر عبره هذه المساعدات، خاصة الغذائية منها. وأشار التقرير إلى أن ميناء وهران استراتيجي بالنسبة إلى منظمي عمليات التحويل هذه، وهو كذلك الميناء الذي تتم فيه عملية تصنيف "ما ينبغي أن يصل، وما يمكن تحويله". وأشار التحقيق الأوروبي إلى أن "عدم سماح انفصاليي البوليساريو الولوج الحر لأعضاء المنظمات الإنسانية المتواجدين في المخيمات، وعرقلة مراقبة السلاسل الخاصة بالتوزيع، بالإضافة إلى وجود مستودعات سرية، تشكل عناصر تدعم الاستنتاج الذي تم استخلاصه فيما يتعلق بنيّة الغش والتلاعب في المساعدات". وبناء على ما جاء في التحقيق، أعلنت كريستالينا جورجيفا، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية المكلفة بالميزانية والموارد البشرية، أن الاتحاد الأوروبي اتخذ سلسلة من التدابير للحد من التحويل المكثّف والمنظم لمسار المساعدات الإنسانية الموجهة لسكان مخيمات تندوف. وللحد من التجاوزات التي تم كشفها، أضحت المساعدات الأوروبية تركز على المنتجات الغذائية الأقل عرضة للتحويل، نظرا لقيمتها المنخفضة، والمشكل الذي تطرحه على مستوى التخزين وصعوبات حفظها "منتوجات سريعة التلف". وأفاد التقرير أن المواد المحولة، ومنها مواد غذائية وأدوية خاصة تلك التي تمنحها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تباع في الجزائر وموريتانيا ومالي، مسجلا أن الجزء الوحيد من هذه المساعدات الذي يتم توزيعه هو الذي يمكن سكان مخيمات تندوف من البقاء على قيد الحياة. ومن بين الاختلالات الأخرى التي كشفها خبراء المكتب الأوروبي لمكافحة الغش، أشار التقرير إلى مسألة المقايضة، وهي ممارسة متداولة بشكل كبير بمخيمات تندوف. وأوضح المكتب أن منظمي عمليات تحويل المساعدات يفرضون على الأشخاص الذي يتعاملون بهذه الطريقة أن يخصصوا لهم نسبة من حصيلة المقايضة، مشيرا إلى أن هذه العملية غير قانونية وتستخدم من أجل "الإثراء الشخصي" لأعضاء من "البوليساريو" الذين ينظمون عمليات التحويل هذه على نطاق واسع. وفي أولى ردود الفعل على التقرير الأوروبي، أكد النائب الأوروبي جيل بارنو أن الرفض العنيد للجزائر السماح بإحصاء السكان المحتجزين في مخيمات تندوف يشجع على التحويل المكثف والمنظم للدعم الإنساني الدولي، مبرزا أنه "يجب أن نكون واعين أن المبالغة في تقدير سكان مخيمات تندوف مكنت من إرساء هذه المنظومة لتحويل وإعادة بيع الدعم الإنساني الأوروبي". وفي هذا الصدد، أكد بارنو أن هذا التقرير الصادر يسلط الضوء على مسألة مركزية في نزاع الصحراء: إحصاء الساكنة في مخيمات تندوف والذي تعارضه الجزائر و"البوليساريو" بشكل منهجي بالرغم من نداءات الأممالمتحدة المتكررة. واعتبر بارنو، وهو عضو في لجنة مراقبة الميزانية بالبرلمان الأوروبي ورئيس مجموعة الصداقة المغرب - الاتحاد الأوروبي بنفس هذه المؤسسة، أن تحويلات الدعم الأوروبي "10 ملايين أورو كل سنة" الموجهة لساكنة تندوف من قبل قيادات "البوليساريو" يعد بكل بساطة فضيحة. من جانبها، دعت جمعية أصدقاء الصحراء في إسبانيا إلى إحداث لجنة أممية من أجل تقصي الحقائق والكشف عن المسؤولين عن التلاعبات والاختلاسات في المساعدات الإنسانية الموجهة للسكان المحتجزين بمخيمات تندوف، وتقديمهم أمام العدالة الدولية. كما ناشدت الجمعية منظمة الأممالمتحدة والمفوضية الأممية لشؤون اللاجئين الضغط على السلطات الجزائرية لإحصاء ساكنة مخيمات تندوف تحت إشراف مراقبين دوليين حتى يتم تحديد العدد الحقيقي لساكنة المخيمات الواقعة فوق التراب الجزائري.