تنظيم ورشة لوضع أنظمة للتدبير المشترك والمستدام للثروات الطبيعة للحد من الإكراهات تعتبر غابات الأطلس المتوسط ذات أهمية كبيرة على الصعيد الوطني والدولي لما تزخر به من تنوع بيولوجي مهم إلا أنها عرفت تراجعا خلال السنوات الأخيرة نتيجة عدة عوامل من بينها الاستغلال المفرط وغير المعقلن للمنتوج الغابوي والرعي الجائر وتوسيع الأراضي الفلاحية على حساب الغابات إلى جانب هشاشة الظروف السوسيو اقتصادية بالمنطقة . ولمواجهة هذه الإشكاليات والإكراهات تمت بلورة مشروع التدبير المندمج لغابات الأطلس المتوسط الذي استهدف إعداد ووضع أنظمة نموذجية للتدبير المشترك والمستدام للثروات الطبيعة مع تقوية الكفاءات وتأهيلها من أجل تفعيل هذا النموذج وملاءمته وتعميمه على صعيد جميع الجماعات المتواجدة بمنطقة المشروع فضلا عن تقوية ودعم القدرات المحلية والمؤسساتية المتعلقة بالحفاظ على الغطاء الغابوي كتراث طبيعي وطني . وفي هذا الإطار، نظمت مؤخرا ورشة بمدينة فاس لتقديم نتائج مشروع التدبير المندمج لغابات الأطلس المتوسط الذي أنجزته مديرية محاربة التصحر والمحافظة على الطبيعة التابعة للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والذي يروم وضع نماذج للتدبير التشاركي للمجال الغابوي والرعوي. واستهدف هذا اللقاء الذي حضره ممثلو مختلف المؤسسات والإدارات وجمعيات المجتمع المدني المعنية الوقوف على المراحل التي قطعها هذا المشروع والنتائج والتي توصل إليها بالإضافة إلى تعريف المشاركين بمختلف الآليات والتقنيات التي يجب اعتمادها لتنزيل مكوناته على أرض الواقع . كما تم خلال هذه الورشة التي نظمتها وحدة تسيير مشروع التدبير المندمج لغابات الأطلس المتوسط تقديم الدليل العملي لفائدة المتدخلين في القطاع الغابوي من أجل تطبيق المنهجية الواجب اعتمادها لإرساء نماذج التدبير التشاركي للمجال الغابوي والرعوي وتحقيقها وبلورتها على أرض الواقع في إطار مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين . وكلف إنجاز مشروع التدبير المندمج لغابات الأطلس المتوسط الذي أنجزته المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بشراكة مع وكالة التنمية الاجتماعية وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية والصندوق العالمي للبيئة والصندوق العالمي للطبيعة غلافا ماليا ناهز 3 مليون و 110 ألف دولار. وحسب مديرية محاربة التصحر والمحافظة على الطبيعة فإن الأهداف الرئيسية لهذا المشروع الذي استغرق إنجازه ست سنوات تتمثل بالخصوص في صياغة ووضع نماذج للتدبير التشاركي للمجال الغابوي والرعوي وتقوية ودعم القدرات المحلية والمؤسساتية قصد تأهيلها لبلورة وتفعيل هذه النماذج مع وضع نظام تدبير المعارف والتجارب المتعلقة بالتدبير المندمج والتشاركي للمجالات الغابوية بالإضافة إلى تتبع وتقييم أنشطة المشروع من خلال اعتماد آليات الحكامة الجيدة والتدبير التشاركي والمستدام للمنظومة الغابوية بمنطقة الأطلس المتوسط . وتمتد المنطقة الجغرافية للمشروع الذي يروم بالأساس تحقيق ساكنة محلية منظمة وفاعلين حقيقيين مسؤولين عن تنميتهم وشركاء موثوق فيهم في التدبير المستدام للنظم الإيكولوجية للغابات من ( تازكا ) التابعة لإقليم تازة إلى منطقة ( كروشن ) بإقليم خنيفرة وتضم 32 جماعة قروية تابعة لثلاث جهات هي فاس، بولمان، ومكناس، تافيلالت، وتازة، الحسيمة،وتاونات . وأوضحت المصادر ذاتها أن تدخل المشروع اقتصر في مرحلة أولى على جماعتين نموذجيتين تم اختيارهما بطريقة تشاركية وفق معايير محددة وهما جماعتي سكورة بإقليم بولمان وتانوردي بإقليم ميدلت على أن يتم تعميمه لاحقا في باقي منطقة المشروع . ويتميز مشروع التدبير المندمج لغابات الأطلس المتوسط عن باقي المبادرات الفاعلة في مجال تدبير الموارد الطبيعية إضافة إلى انفتاحه على الخبرة والتجارب الدولية في هذا المجال بمقاربته الشمولية والمندمجة حيث يجمع بين مقاربة السلاسل والمقاربة المجالية لإعداد إجابة منسقة ومندمجة للعديد من الأسباب الكامنة وراء تدهور النظم الإيكولوجية للغابات بالإضافة إلى تركيزه على التنظيم وتقوية قدرات الشركاء الفاعلين مع إشراك السكان المحليين في استغلال المنتجات الغابوية وتشجيعهم على الانخراط في النظم المستدامة للتدبير الرعوي عبر اتفاقيات شراكة بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والجمعيات والتعاونيات. يشار إلى أن المجال الغابوي والرعوي يكتسي أهمية كبيرة على مستوى منطقة الأطلس المتوسط بالنظر للمؤهلات والوظائف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي يتميز بها خاصة وكذا للضغوطات المختلفة التي يتعرض لها هذا المجال حاليا والتي قد تهدد مصيره مستقبلا.