لا شك أن 2014 كان من أفضل الأعوام التي قدمها ريال مدريد الإسباني مؤخرا على كل الأصعدة: النتائج والأداء والألقاب، ولكن يرى كثيرون أن السر وراء كل هذا ليس المستوى الاستثنائي الذي يقدمه نجم الفريق الأول البرتغالي كريستيانو رونالدو فقط، بل يعود جانب كبير من الفضل إلى المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي الذي نجح منذ قدومه للنادي الملكي في تحقيق التوازن والسلام الذي كان غائبا في حقبة سلفه، البرتغالي جوزيه مورينيو. 1 - التأقلم: على مدار 2014 الذي يضم النصف الثاني من الموسم الماضي والأول من ذلك الجاري، كان على أنشيلوتي التأقلم مع الكثير من المتغيرات المختلفة أثناء قيادة ريال مدريد. وتعد الصحافة الإسبانية أهم الأشياء التي نجح أنشيلوتي في التأقلم والتعايش معها، حيث كان بعيدا عن أي طابع تصادمي مع الإعلاميين على عكس سلفه البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب تشيلسي الإنجليزي الحالي، ولكنه في نفس الوقت نجح في فرض شخصيته وطباعه الهادئة عليهم. تأقلم أنشيلوتي أيضا مع الشروخ الكبيرة التي خلفتها له حقبة مورينيو داخل الفريق ومسألة "حرب حراسة المرمى" بجعل القائد إيكر كاسياس مسئولا عن خوض مباريات الكأس المحلي ودوري أبطال أوروبا، ودييغو لوبيز في الليغا، إلى أن أبعد الأخير نحو إيه سي ميلان الإيطالي واستقدم الكوستاريكي كيلور نافاس، لتهدأ الأمور ويعود "القديس" لمكانه ويسترد ثقته بنفسه. لم تقتصر قدرة أنشيلوتي التعايشية على هذا فقط، بل نجح في التعامل بنجاح والتأقلم مع رحيل عدد من لاعبي الفريق المهمين مثل أنخل دي ماريا وتشابي ألونسو، كما سبق وفعل مع مسألة بيع الألماني مسعود أوزيل العام الماضي، أو مع الإصابات التي ضربت عناصر هامة بفريقه، ليس فقط عن طريق الصفقات الجديدة بل الأدوار المتنوعة والمختلفة التي أصبح يمنحها لكل لاعب. 2 - الارتجال: بالنظر إلى أن كل الخيارات الموجودة لم تكن دائما هي المثالية، فلم يكن غريبا أن يغير أنشيلوتي مع بداية الموسم الجاري طريقة العام الماضي بعد رحيل ألونسو الذي كان يقوم بنصيب الأسد من مهام الارتكاز بوسط الملعب، ليصبح الأمر مسئولية مشتركة بين الألماني توني كروس والكرواتي لوكا مودريتش، بمنح الأخير مهام دفاعية أكبر، عما كان عليه الأمر في 2013. إصابة جاريث بيل مرتين خلال الموسم الجاري لم تشكل عائقا بالنسبة لأنشيلوتي ففي المرة الأولى قام الكولومبي جيمس رودريغيز بالمهمة وفي الثانية إيسكو، مما ساهم في وجود فرصة لتنويع أداء الملكي الخططي بين (4-4-2) و(4-3-3) الأولى تعتمد على التناغم والإيقاع والثانية على سرعات بيل ورنالدو الفائقة. حتى حينما تعرض مودريتش للإصابة نجح أنشيلوتي في ارتجال أدوار جديدة لإيسكو باللعب بجانب كروس في الارتكاز مرة أو كصانع ألعاب متأخر مرة أخرى، ولم يتوقف الأمر عند هذا بل أن المدرب الإيطالي لعب في بعض الأحيان في المباريات التي تلت إصابة الكولومبي جيمس رودريغيز، بالبرازيلي مارسيلو كصانع ألعاب. كما نجح أنشيلوتي أيضا خلال النصف الأول من العام وتحديدا في النصف الثاني من الموسم الماضي في ابتكار أدوار ومهام جديدة للأرجنتيني أنخل دي ماريا، وفقا للمعطيات الموجودة، فنجح في اللعب مكان كريستيانو أثناء إصابته، وبالمثل تحمل أدوارا دفاعية كبرى في بعض المباريات. 3 - التفوق: بعد أن نجح أنشيلوتي في تطبيق أول عنصرين، كان لا بد أن يحضر العنصر الثالث على مدار العام، فتمكن الريال من الحصول على لقب كأس الملك على حساب غريمه الأزلي برشلونة بفضل هدف القطار الويلزي غاريث بيل. وتوج ريال "أنشيلوتي" بلقب دوري الأبطال الأوروبي العاشر المنتظر بعد أن تمكن خلال البطولة من القضاء على "شبح الألمان" بالإطاحة بثلاثة من فرق البوندسليغا هي شالكه وبروسيا دوتموند وبايرن ميونخ، والفوز في نهائي لشبونة بنتيجة 4-1 بعد أن ظل متأخرا حتى (ق93) حينما جاء ارتقاء راموس ليحول الكرة برأسه للمرمى معلنا التعادل ومد المباراة لوقت إضافي فاز خلاله ال"ميرينجي". وفي بداية الموسم الحالي واصل الريال تفوقه بالفوز بكأس السوبر الأوروبي على حساب إشبيلية، ولكنه في نفس الوقت فشل في التتويج بكأس السوبر الإسباني الذي ذهب لفريق أتلتيكو مدريد. وضمن الريال مع ختام 2014 انهاء الليغا بالمركز الأول كما أنه تأهل لثمن نهائي دوري الأبطال متصدرا مجموعته عقب الفوز بكل مبارياته، بخلاف نجاحه في تحطيم عدد كبير من الأرقام القياسية. وكان مسك الختام نجاح الريال في التتويج ببطولة العالم للأندية لأول مرة في تاريخه بشكلها الجديد بعد أن فاز في نصف النهائي على كروز أزول المكسيكي برباعية نظيفة وسان لورينزو الأرجنتيني في المباراة النهائية بهدفين نظيفين. وأنهى النادي الملكي 2014 أيضا بنجاحه في كسر رقم برشلونة كأكثر الأندية الإسبانية تهديفا في عام واحد ب178 هدفا متفوقا على المسجل باسم برشلونة في 2012 ب175 هدفا في انجاز آخر. وتمكن "الميرينغي" أيضا من كسر رقم برشلونة كأكثر الأندية الإسبانية تحقيقا لانتصارات متتالية بوصوله للفوز المتتالي رقم 22 بعد التتويج بمونديال الأندية ويصبح على بعد انتصارين من الرقم المسجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأكثر الأندية على مستوى العالم تحقيقا لهذا الأمر باسم كوريتيبيا البرازيلي، وأربعة من رقم أياكس الهولندي غير المسجل في الموسوعة ب26 انتصارا.