رغم الإنفاق والتهافت على المواد الغذائية أسعار الأسواق المحلية مستقرة وفي المتناول يتزامن رمضان الكريم هذه السنة مع أول شهر من العطلة الصيفية المعروفة بكثرة المصاريف. وبالرغم من أنه هو الآخر مكلف ويتطلب تدابير مادية، إلا أنه شهر ذو مكانة كبيرة عند المغاربة، كما هو الشأن لدى المسلمين في كل بقاع العالم. فمن أجل استقبال هذا الشهر المبارك، ومروره في أحسن الظروف وفي أجواء روحانية تعبدية واحتفالية أيضا، تستعد الأسرالمغربية الفقيرة منها والغنية، بوضع ترتيباتها الخاصة بهذا الشهر، من تزيين للمنازل بطلاء جدرانها واستبدال قديمها من الأثاث وشراء الجديد من التجهيزات، وذلك في إطار يجمع بين التنافس الأسري بين ربات البيوت والرغبة في الإحسان إلى هذا الشهر الكريم. رمضان الكريم الذي يتميز بقدسيته في قلوب المغاربة الذين يجلونه ويعتبرونه مناسبة لتجديد الإيمان والصفاء الروحي سواء بالصلاة في المساجد أو التقرب إلى الله بالصدقات، يشكل مناسبة أيضا لتعزيز القيم الأخلاقية كالتكافل الأسري والتضامن بين الجيران وغيرها من السلوكات المحمودة، إلا أنه يشكل أيضا مناسبة لبروز بعض المظاهر المذمومة كالنشل في الأسواق والحافلات، وعدم احترام قوانين السير في الشوارع من قبل بعض أصحاب السيارات، وزحمة الباعة المتجولين وإغلاقهم لشوارع بحالها، وعدم القيام بالواجبات من قبل بعض الموظفين في الإدارات العمومية وغير ذلك كثير.. بيان اليوم التي ترفل في حلتها الجديدة، ارتأت النزول إلى الشارع ورصد هذه المظاهر الرمضانية من خلال الحديث إلى الناس، وتقديمها للقارئ الكريم . تزامن شهر رمضان هذه السنة مع موسم جني المحاصيل الزراعية، وهي فرصة مواتية للفلاحين لتحقيق أرباح إضافية على اعتبار توفيرهم للمخصصات المالية للتخزين بحكم ارتفاع الطلب في شهر رمضان، وبيعهم مباشرة محاصيلهم في الأسواق. هذا التوافق بين موسم جني الغلة ورمضان، سيوفر لا محالة مصاريف استئجار الثلاجات ومستودعات التبريد والتي تشاطر عادة الفلاحين أرباح محاصيلهم كل عام، مما سيؤثر إيجابا على أسعار المنتجات في الأسواق المحلية. عدد من المواطنين ممن التقتهم بيان اليوم استبعدوا أن ترتفع أسعار العديد من السلع الواسعة الاستهلاك كالخضر والفواكه خلال شهر رمضان، وبرّروا ذلك بأن شهر رمضان يتزامن هذه السنة مع حلول موسم جني المحاصيل الخاصة بعدة أنواع من الخضر والفواكه، بالموازاة مع تلك المتوفرة حاليا بشكل كاف للاستجابة إلى تغطية طلبات الأسوق المحلية. من جهة أخرى، توقع آخرون أن يواصل سعر اللحوم الحمراء استقراره في حدود 70 درهما للكيلوغرام خلال شهر الصيام، مستدلين في ذلك بوفرة العرض الذي يفوق الطلب من هذه المنتجات في الأسواق المحلية، وأشار بعض هؤلاء المواطنين، إلى أن سعر اللحوم الحمراء تتحكم فيه الجودة والنوع، وأن السعر عموما يختلف من مكان إلى آخر، مبرزين أن أسواق بالضواحي وأسواق شعبية مثلا (درب السلطان- البلدية) لا تتعدى فيها أسعار هذه المنتوجات 60 درهما للبكري و55 للغنمي. أما محمد لكحل بائع دجاج بسوق باب مراكش، فقال في حديث لبيان اليوم حول تموين هذا السوق الكبير بالمواد الغذائية خلال شهر رمضان، إن ما يسجله أغلب رواد هذا السوق الكبير، هو أن العرض المتعلق بمختلف المواد الأساسية يفوق الطلب، وأن الرواج في هذا السوق تضاعف قبل وبعد حلول شهر الإمساك، مقارنة بأشهر السنة الأخرى. وأضاف، أن أسعار الدواجن حافظت على استقرارها، حيث لم يتعد سعر الكيلو الواحد من الدجاج الرومي 15 درهما، والحمام 13 درهما للواحدة، فيما بلغ سعر «ّالكوكلي» 12 دهما، مشيرا في هذا السياق إلى أن إقبال الأسر على استهلاك الدجاج «البلدي»، خلال رمضان أدى إلى ارتفاع ثمنه الذي وصل إلى 45 درهما للكيلوغرام الواحد، بعدما كان لا يتجاوز40 درهما، قبل أسابيع من حلول رمضان. وأشار لكحل إلى أن معدل استهلاك السوق من الدجاج تضاعف خلال بداية رمضان وقبله أيضا، بسبب الإقبال الكبير للمواطنين على شراء الدواجن على اختلاف أنواعها بكميات زائدة بكثير مقارنة بالأيام المعتادة، مضيفا أن بعض الأسر التي كانت تكتفي ب 6 إلى 10كيلوغرامات من الدجاج في الأسبوع، وصل حجم مقتنياتها من الدواجن في بداية رمضان وقبله بأيام، ل 20 كيلوغرام للأسرة. ورغم توافر المواد الأساسية بمختلف الأسواق المحلية على صعيد المملكة، فإن رمضان لا يعني بالنسبة للعديد من الأسر المغربية، سوى المزيد من الإنفاق والتهافت على الأسواق والمحلات التجارية لشراء السلع والمنتوجات، حتى المواد الغذائية التي ليست في حاجة إليها، مما يخل بتوازن العرض والطلب في الأسواق، ويعرض البعض من هذه الأسر إلى الاستدانة من الأبناك. أما علي بياضي، فيقول في حديث لبيان اليوم بنفس الخصوص، إن العرض يفوق الطلب بالنسبة لجميع المواد الأساسية في هذا السوق، ويتجلى ذلك ،بحسبه، في وفرة المعروضات من طماطم وبطاطس وجزر وغير ذلك من المواد التي تبقى إستراتيجية ويكثر عليها الإقبال في رمضان، كما يتجلى كذلك في ثمنها المستقر والذي يجده المتبضعون عاديا وفي التناول، مبرزا في هذا السياق، أن سعر الطماطم في السوق لا يتعدى 2.50 دراهم للكيلو غرام، فيما لا يتجاوز سعر البطاطس 3 دراهم للكيلو غرام، وهي أثمنة نموذجية ويمكن أن يتقبلها المرء. غير أنه قال، في حديث ذي صلة، إن الأسواق صارت مجالا تبدع فيه الكثير من الأسر في الإسراف في شهر رمضان بسبب النزعة الشرائية، مشيرا إلى أن الإنفاق الزائد عن اللزوم في رمضان، لا يتساوق مع السياق الديني التعبدي لهذا الشهر الكريم، كما يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي نهى عن الإسراف. وأضاف، أن ما يصنع من إسراف في رمضان هو بكل تأكيد هدر لإمكانات مادية، وهدر لقيم سامية، كما يحدث في سائر المنازل من طهي وطبخ للعديد من المأكولات وإعداد للمشروبات، يتم تناول اليسير منها، وإتلاف ما تبقى.