سي محمد أديب السلاوي جار لم ألتق بها من الكتاب المغاربة الذين أحرص على قراءة أعمالهم، وأتتبع إسهاماتهم في الصحافة الوطنية وأنتظر بشغف جديدهم الإبداعي،الكاتب والناقد الفني أديب السلاوي.يصعب على المتتبع والقارئ أن يصنفه في خانة محددة.فهو ينتقل بك ويسافر بك من جنس لأخر، مؤرخا وسياسيا، وناقدا وصحفيا.فالرجل خبر مهنة صاحبة الجلالة، محررا وكاتبا ومسؤولا في الصحافة الوطنية والدولية، كما أنه عاش وعايش عن قرب تاريخ المغرب الحديث منذ الاستقلال حتى الآن، بكل تفاصيله وجزئياته. فالكتابة عند سي محمد أديب السلاوي رهانات مجتمعية كبرى، وتحديات معقدة و مسؤوليات أخلاقية ومبدئية وهذه الكتابة شهادة تسائل قضايا المجتمع ومؤسساته وأطره بوعي نقدي صريح. فالرجل قضيته وهويته الأولى والأخيرة، كتابة مغايرة متجددة وغير متكررة. فقلمه يرميك من مجال لأخر دون ملل.هكذا هو دائما، في مواجهة مستمرة وحضور دائم بكل جدية ومسؤولية لتحليل الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية بمنظار العارف والمتمكن وبمنطق العلامة المفسر والشارح. وأنت تقرأ إنتاجه الإبداعي والفكري، فانك تصدق لغته ومنطقه في التحليل والمقارنة والاستدلال، ولن تتعب في فهم واستيعاب قصديته وتفكيك رموزها ودلالاتها الخفية والظاهرة. فالرجل إذا كتب، أتقن و تفنن. إذا حلل انخرط وأقنع. وإذا نشر ساجل وأمتع. سي محمد أديب السلاوي، كتب في علم السياسة وقواميسها، وحلل ظواهرها المريضة وتأثيرها في المشهد السياسي الوطني، وعجزها التام في خلق نخب سياسية متجددة ومثقفة، قادرة على إبداع أساليب و أفكار متنورة وحداثية من شأنها فتح أفق سياسي للأمل والحلم والاستمرار عبر مؤلفات هل دقت ساعة الإصلاح، السياسة وأخواتها والسلطة المخرنية... سي محمد أديب السلاوي، انخرط بعمق وبوعي نقدي وبإحساس وطني في تحليل ظواهر الفساد والرشوة والمخدرات المستشرية في المجتمع، مسبباتها وأخطارها (الحكومة والفساد...) كما قارب موضوع فقر الأطفال وتجلياته المدمرة في محيط الأسرة والمدرسة والمجتمع. سي محمد أديب السلاوي، لبس جلباب الرحالة المغامر،لاكتشاف قارة الإبداع المغربي وتضاريسه،أزمنة وتاريخا،كتابا وتجارب.(كتاب الشعر المغربي مقاربة تاريخية وتضاريس الزمن الإبداعي،ديوان المعداوي). سي محمد أديب السلاوي، نحت ودون لموضوعات التشكيل المغربي بمناهج مختلفة. فالمشهد التشكيلي الوطني مدين للرجل لأنه أرخ ووثق وصنف لكل تعابيره وتجاربه وأسمائه واتجاهاته. هكذا نعثر على أعلام التشكيل المغربي، قراءة وتراجم، ومرة أخرى التشكيل المغربي في مواجهة ذاته والبحث عن أسراره ورحلاته. وفي واجهة أخرى يعالج التشكيل المغربي في جدليته المركبة والموزعة بين التراث والمعاصرة، ليختم الرجل بدراسة حولية ممتعة همت مائة عام من التشكيل المغربي. سي محمد أديب السلاوي، سافر وأرخ للمسرح المغربي من البداية والامتداد،وتجارب جيل رواد كالقري ومحمد حداد وعبد الخالق الطريس أثناء الاستعمار الفرنسي والاسباني، ثم جيل الاستقلال ومغامرات الطيبان لعلج والصديقي والبدوي والبقالي، وجيل الحداثة والتمرد مع برشيد ومسكين ولحلو والزروالي. وعاد مرة أخرى ليقارب المسرح المغربي وجدلية التأسيس ( 2010) وقضايا التراث والتحديث والتأصيل والبحث عن الهوية ومقوماتها الفكرية والتاريخية، إضافة إلى سؤال المسرح المغربي من أين وإلى أين والاحتفالية في المسرح المغربي واللائحة طويلة ومغرية ومشوقة. لم يسبق لي أن التقيت سي محمد أديب السلاوي مباشرة ولا يمكن أن ادع ذلك. التقيته عبر مثونه ومقالاته لكن غالبا ما أصادفه بتاج محل..لا تذهبوا بعيدا.. فأنا لست هنديا ولابوذيا.. ولا هو كذلك.. تاج محل مقهى بسلا وبالضبط بحي بطانة العليا..ارتادها يوميا للقراءة والكتابة..هنا أصادف سي محمد أديب السلاوي جالسا لوحده..يتصفح الجرائد..وأحيانا يتأمل العالم من حوله..ربما مشروع كتاب جديد..أتردد للسلام عليه..أحس بالخجل.. حتى لا أعكر خلوته الصباحية.الأكيد أن كلما قرأت جديدا للرجل إلا وتزداد في جعبتي تجربة أخرى. ما يجمعني مع سي محمد أديب السلاوي، كتبه وتاج محل وحي بطانة واسم ابني أديب تيمنا في أدبه وموسوعيته وأناقته الرائعة. سي محمد أديب السلاوي..الكاتب والمبدع والإنسان المفكر الرصين، يستحق الاعتراف والتقدير والانتباه. فهل من مجيب؟ الحلقة الخامسة: الفنان فريد بنبارك: تجربة متميزة في المسرح