مظاهر التدين في رمضان بين الالتزام الأخلاقي والنفاق الاجتماعي شباب يواظبون على الصلاة خلال شهر الصيام وينسونها في بقية أيام السنة يتزامن رمضان الكريم هذه السنة مع أول شهر من العطلة الصيفية المعروفة بكثرة المصاريف. وبالرغم من أنه هو الآخر مكلف ويتطلب تدابير مادية، إلا أنه شهر ذو مكانة كبيرة عند المغاربة، كما هو الشأن لدى المسلمين في كل بقاع العالم. فمن أجل استقبال هذا الشهر المبارك، ومروره في أحسن الظروف وفي أجواء روحانية تعبدية واحتفالية أيضا، تستعد الأسرالمغربية الفقيرة منها والغنية، بوضع ترتيباتها الخاصة بهذا الشهر، من تزيين للمنازل بطلاء جدرانها واستبدال قديمها من الأثاث وشراء الجديد من التجهيزات، وذلك في إطار يجمع بين التنافس الأسري بين ربات البيوت والرغبة في الإحسان إلى هذا الشهر الكريم. رمضان الكريم الذي يتميز بقدسيته في قلوب المغاربة الذين يجلونه ويعتبرونه مناسبة لتجديد الإيمان والصفاء الروحي سواء بالصلاة في المساجد أو التقرب إلى الله بالصدقات، يشكل مناسبة أيضا لتعزيز القيم الأخلاقية كالتكافل الأسري والتضامن بين الجيران وغيرها من السلوكات المحمودة، إلا أنه يشكل أيضا مناسبة لبروز بعض المظاهر المذمومة كالنشل في الأسواق والحافلات، وعدم احترام قوانين السير في الشوارع من قبل بعض أصحاب السيارات، وزحمة الباعة المتجولين وإغلاقهم لشوارع بحالها، وعدم القيام بالواجبات من قبل بعض الموظفين في الإدارات العمومية وغير ذلك كثير.. بيان اليوم التي ترفل في حلتها الجديدة، ارتأت النزول إلى الشارع ورصد هذه المظاهر الرمضانية من خلال الحديث إلى الناس، وتقديمها للقارئ الكريم . يتميز رمضان الكريم بالمغرب بالإقبال الكثيف للناس على المساجد لأداء الصلاة. ويلاحظ على مدى أيام هذا الشهر الكريم، فئة واسعة من الشباب تواظب على الصلاة في المساجد لاسيما التراويح، فتكتظ بيوت الله بالمؤمنين ويضطر المصلون لأداء العبادة بمحيط المساجد وعلى الأرصفة والطرقات. ويتميز هذا الشهر الكريم بظاهرة التدين والالتزام لدى النساء والفتيات كما يظهر ذلك جليا من خلال ارتدائهن الحجاب وإخفاء مظاهر التزين وإبراز المفاتن نهارا في الشوارع. حميد بو علي، طالب في السنة الأولى شريعة إسلامية، قال لبيان اليوم بخصوص هذه الظاهرة الحميدة، إن شهر رمضان الذي أخرج فيه القرآن للناس، مناسبة للكثيرين للالتزام بالدين الاسلامي والانضباط لأحكامه وأخلاقه، مما يساعدهم في الإقلاع عن بعض العادات السيئة التي تضر بالصحة كالتدخين واستعمال المخدرات وشرب الخمر وغير ذلك من الآفات الاجتماعية التي تسيئ إلى صورة المجتمع. ويفسر بوعلي الاقبال الكبير للناس على أداء الواجبات الدينية في رمضان والحفاظ على مواقيتها، بما يحظى به هذا الشهر من مكانة لدى المغاربة الذين يعظمونه لما يمتاز به من إشراقات روحانية تتجسد في طمأنينة النفس وصفاء الضمير، مما يؤثرعلى بقية وظائف الجسد وعلى الروح، ويوجه سلوك وممارسات المسلمين خلال هذا الشهر، نحو أفعال البر والإحسان. وعلى عكس حميد، يرى زميله إسماعيل بوهادي في تصريح لبيان اليوم حول ظاهرة تدين الشباب في رمضان، أن الأمر لا يعدو أن يكون ردة فعل لشباب يعاني من الظلم السياسي والاجتماعي، ولا يجد سوى التدين للتفريج عن كربه خصوصا وأن هذا الشهر تتقوى فيه العلاقة بين المسلم وربه، موضحا في هذا السياق، أنه بمجرد انتهاء هذا الشهر الفضيل، يتوقف الكثيرون من هؤلاء الشباب عن الذهاب إلى المساجد لأداء الصلاة بل ويتوقفون حتى عن أداء هذه العبادة، ويعود منهم البعض إلى ما كانوا عليه من عادات سيئة كالتدخين وشرب الخمر، وكأن أمرهم في رمضان لم يكن سوى نفاق اجتماعي. في الواقع، يكشف رمضان حالات كثيرة لأشخاص يعودون للالتزام بالدين الإسلامي في هذا الشهر المبارك، خاصة منهم الشباب، فيتصالحون مع قيمهم ومرجعياتهم التي تشبعوا بها في حياتهم، مما يعد أمرا طبيعيا في هذا الشهر المبارك الذي يحيط به سياق روحي وديني عظيم، يقول إسماعيل، إلا أن الشيء غير الطبيعي، أن يتم التراجع عن هذا الاجتهاد الديني في الشهور الأخرى، حيث تحدث الخصومة بين العبد وربه، من خلال التفريط وعدم الاستمرار في كل ما تم الاجتهاد فيه خلال رمضان من أعمال وطاعات. ويفسر إسماعيل هذه الظاهرة، بسوء فهم الكثير من الناس للدين، واعتباره مجرد شعائر تعبدية فقط يتم حصرها في طقوس، كما هو الحال في رمضان، من دون أهداف ولاغايات تعود بالصلاح على الفرد ومجتمعه. أما أحمد العلالي، الذي يظهر اهتماما كبيرا بالدين، فقال في حديث لبيان اليوم أن التدين درجات بين المسلمين، مبرزا، أن هناك طقوسا لا يمكن التفريط فيها في المغرب، مثل الصوم وعيد الأضحى، أما ما عداها فحسب درجات الإيمان والقدرات الجسدية وحتى المادية مثل الحج، فلا أحد يلزم إلا بما يقدر عليه. وأكد العلالي، أن الدين سواء في رمضان أو غير رمضان، هو أساسا المعاملة، فالمسلم هو بمعاملاته وليس فقط بعباداته، مشيرا، في هذا الصدد إلى أن التدين في المغرب أشكالا متعددة، منها الشكل الاجتماعي الشعبي البسيط المتمثل في الممارسات والطقوس التي يتم تبسيطها من خلال الفقهاء، ومنها كذلك التصوف المتمثل في الزوايا. أما بخصوص الإقبال الكثيف للناس على المساجد لأداء الصلاة فأكد أن ذلك تساهم فيه الحملات الدينية والاجتماعية للشهر الفضيل، موضحا أن الالتزام بالدين لا يجب أن يقتصر على وقت معين من أيام السنة، وإنما ينبغى أن يكون هذا الالتزام نهجا وسلوكا للمسلم في كل حياته، فالإسلام ليس مظهرا كما يحاول البعض أن يختزله في شهر رمضان فقط، يضيف، وإنما ينبغى أن يكون عبادة وطاعة ملازمة للمسلم فى كل حياته، بل إن إظهار التدين فى شهر رمضان هو من قبيل النفاق، وذلك لأن المنافقين كانوا يظهرون عكس ما يضمرونه للإسلام، وهذا النهج نهى عنه الإسلام، ولهذا فإن شهر رمضان كسائر شهورالسنة كلها موجبة للطاعة والعبادة من صلاة وزكاة و بر بالوالدين وغير ذلك من تكاليف الشريعة الإسلامية