تعيش مدينة مكناس خلال هذه الأيام فعاليات الدورة 16 للمهرجان الوطني للمسرح الذي تنظمه وزارة الثقافة بتعاون مع ولاية جهة مكناس تافيلالت والجماعة الحضرية لمكناس في الفترة من 3 الى 9 يونيو الجاري. ويتضمن برنامج هذه الدورة عدة أنشطة وفقرات فنية وثقافية متنوعة، تشتمل على عروض مسرحية في إطار المسابقة الرسمية (12 عرضا) وعروض مسرحية للكبار وللصغار خارج المسابقة (12 عرضا).. كما يحتوي برنامج الدورة على ندوة فكرية حول «الكتابة خارج النص المسرحي»، وتوقيع إصدارات مسرحية جديدة وتكريم مبدعين وفنانين مسرحيين فضلا عن ورشات تكوينية في مهن المسرح. وستؤثث فقرات المهرجان فضاءات مختلفة بمدينة مكناس (المركز الثقافي محمد المنوني، المعهد الفرنسي، فضاء الحبول) والمركز الثقافي بمدينة الحاجب والمركز الثقافي ببلدة مولاي ادريس زرهون. هذا وتميز حفل الافتتاح بتكريم ثلاث مبدعين وفنانين مسرحيين أعطوا الكثير للمسرح المغربي، ويتعلق الأمر بالفنانة الممثلة فضيلة بنموسى والمؤلف والمخرج والممثل محمد البلهيسي والناقد والباحث وأستاذ الدرس المسرحي حسن المنيعي. وأكد الكاتب العام لوزارة الثقافة محمد لطفي المريني، خلال هذا الحفل الافتتاحي، أن هذا المهرجان يأتي تتويجا للموسم المسرحي ولحركية الحقل الفني وما يشهده من مبادرات وإنجازات، مشددا على أهمية أن تعكس قيمة هذا المهرجان ما تم تحقيقه من تراكمات وأن يكون «المرآة العاكسة لما نتخذه من مبادرات في مجال الرقي بالمشهد المسرحي الوطني وأن يكون مناسبة لتقييم حجم نجاحنا وتقويم ما يعترض طريقه من صعاب وتعثرات». وأبرز لطفي المريني الجهود التي بذلتها الوزارة في «إحاطة» العمل المسرحي وباقي الفنون بكل آليات النجاعة باعتباره يساهم في تشكيل الوعي والإدراك المجتمعي على غرار باقي مؤسسات التنشئة والتربية والتعليم، مذكرا في السياق ذاته، بأن الوزارة واصلت تعزيز وتوسيع شبكة البنيات التحتية الثقافية بما فيها من المسارح وقاعات العروض الفنية والمراكز الثقافية. كما ذكر بأن الوزارة اتخذت مبادرة تمثلت في تجديد آليات الدعم الثقافي والفني من خلال إرساء والشروع في تنفيذ صيغة جديدة للدعم تهم مجالات الفنون التشكيلية والبصرية والموسيقى والغناء والفنون الكوريغرافية والنشر والكتاب، والمسرح والفنون الدرامية.. موضحا أن من مستجدات الصيغة الجديدة لهذا الدعم، الذي رصدت له الوزارة غلافا ماليا قدره 40 مليون درهما، أنها تنفتح على مناحي جديدة ومهمة من الممارسات الفنية مثل الإقامات الفنية وتنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات الجهوية والوطنية والدولية وتنظيم الجولات الفنية والإصدارات المتخصصة. ومن جهته، اعتبر أحمد هلال، رئيس الجماعة الحضرية لمكناس، أن هذا المهرجان شكل منذ تأسيسه حدثا مسرحيا استثنائيا، إذ بفضله أصبحت مكناس عاصمة للمسرح المغربي وقبلة للمثقفين والمهتمين بقضايا المسرح تنظيرا وممارسة، مضيفا «نطمح إلى تحقيق رهان الارتقاء بهذا المهرجان إلى المستوى المطلوب والذي يحتاج إلى بلورة نموذج جديد للتدبير قائم على مبدأ الحكامة الجيدة». وفي فقرة التكريم، قدم المخرج المسرحي حسن هموش شهادة عن المكرمة فضيلة بنموسى كشخصية «عصامية» وممثلة «استثنائية» استطاعت بكثير من الحب والإخلاص أن تمتلك قوة الإنصات وتحول اللغة إلى فعل درامي مما جعل حضورها وحده على الركح لغة «ولادة للأحاسيس». وبخصوص تكريم المؤلف والمخرج والممثل محمد البلهيسي، فقد أعد الباحث المسرحي عبد الرحمان بنزيدان شهادة في حقه أبرز فيها أن البلهيسي هو فنان عاش المسرح واحتك بكل المبدعين المسرحيين في المغرب وخارجه. أما بخصوص تكريم الأستاذ حسن المنيعي، فقد تحدث عنه الباحث المسرحي عزالدين بونيت، حيث قال في حقه «إنه مؤسس الدراسات المسرحية في الجامعة المغربية» وكان من الناحية الأكاديمية سباقا إلى طرح قضية التأصيل في المسرح المغربي، مشيرا إلى أن المنيعي هو أيضا ناقد تشكيلي وروائي «مكرس»، بل إنه كان من المؤسسين للنقد التشكيلي والروائي المغربيين. وتم منح المكرمين فضلا عن باقات ورود، درع مكناس المسرحي ومبلغ مالي فضلا عن هدايا من ولاية مكناس تافيلالت والجماعة الحضرية لمكناس. وتم عرض مسرحية «الرابوز» لفرقة (فيزاج) وهي من تأليف وإخراج أمين غوادة، والتي تدور أحداثها بساحة جامع الفنا بمراكش، حول عجوز مجهول يقتحم «حلايقية» أثناء تقديم عروضهم ويشاركهم اللعب، فيكتشفون أنه لا يعرف من هو وأنه فاقد للذاكرة، وعندما يشاركهم الارتجال يتذكر أنه حلايقي مثلهم فينغمسون معه في ارتجال كل المواقف التي يمكن أن تحفز ذاكرته على استرجاع الأحداث القديمة التي عاشها. وسيعرف الحفل الختامي لهذا المهرجان، تتويج الأعمال المسرحية المتميزة لهذا الموسم تحت إشراف لجنة تحكيم يترأسها الباحث والناقد عبد الله شقرون وتضم في عضويتها أسماء هوري (مخرجة مسرحية) وناصف برودوت (أستاذة بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي) وبوسرحان الزيتوني (مخرج مسرحي) ومحمد بهجاجي (ناقد وكاتب مسرحي) ورشيد منتصر (باحث وناقد مسرحي) والفنان عبد الكبير الركاكنة والفنان سعيد أيت باجا. ويشمل برنامج عروض المسابقة الرسمية للمهرجان، مسرحية «الرابوز» لفرقة «فيزاج» من الرباط، «مايد إين موروكو» لفرقة الشهاب المسرحية من الدارالبيضاء، «هم الأوباش» ل «فريكاب» للإنتاج من الدارالبيضاء، و»بين بين» ل «نحن نلعب للفنون» من الرباط، و»شكون يطفي التلفزة» ل «دابا تياتر» بالرباط، و»دون جوان» ل «إميك سيميك» بالرباط، و»سكيزوفرينيا» ل «أفروديت» من الرباط، و»السكوبي» ل «مسرحنا»، و»هلوسة» ل «تروب دور» من مدينة سلا، و»الساروت» ل «نادي المرآة للمسرح» من فاس، و»في أعالي البحر» لفرقة «أونكور» من طنجة، و»فويتزيك» لفرقة «الشامات» من مكناس. وستتبارى المسرحيات، التي انتقتها لجنة خاصة، على 8 جوائز، هي الجائزة الكبرى، والتأليف، والإخراج، والسينوغرافيا، والملابس، والتشخيص إناثا، والتشخيص ذكورا، وجائزة الأمل.