أعلنت السلطات الليبية عن مقتل 40 مهاجرا سريّا، وذلك في كارثة بحرية جديدة أعادت ملف الهجرة السريّة إلى واجهة الأحداث، بعد تزايد عدد قوارب الموت في البحر الأبيض المتوسط الذي ابتلع الآلاف من الحالمين بالهجرة إلى أوروبا. ولفت مراقبون إلى أن الإعلان عن هذه الفاجعة البحرية الجديدة يأتي بعد أقلّ من 24 ساعة من تهديد وزير الداخلية الليبي، صالح المازق، ب"تسهيل" عبور المهاجرين غير القانونيين إلى أوروبا إذا لم يساعد الاتحاد الأوروبي طرابلس في التصدّي لهذه الآفة. وكان المازق قد أكّد، في مؤتمر صحافي مساء أمس الأوّل بالعاصمة طرابلس، أنّ حكومته "ربّما ستضطرّ إلى تسهيل عبور المهاجرين إذا لم تتعاون الدول الأوروبية والعالم في مساعدة ليبيا لإيجاد برامج وآليات لحلّ هذه المشكلة التي تؤرّق الليبيين". وأضاف محذرا أنّ "ليبيا تعاني من وجود آلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين خصوصا من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وأنا أحذر العالم كله وخصوصا الاتحاد الأوروبي، إذا لم يتحمّلوا مسؤولياتهم فإن ليبيا يمكن أن تسهّل عبور هذا التدفق للمهاجرين باتجاه أوروبا". واعتبر مراقبون أنّ تصريحات وزير الداخليّة تُذكّر بتصريحات العقيد الراحل معمر القذافي، زمن اشتداد قصف قوات الناتو خلال الثورة الليبية، حيث تعاني السلطات الليبية من انفراط هيبة الدولة وانفلات شامل للميليشيات المسلّحة، وهو ما تصاعد خلال الفترة الأخيرة بعد نجاح إخوان ليبيا في إسقاط رئيس الحكومة السابق علي زيدان. وذكرت وكالة الأنباء الليبية، أمس الأحد، أن هؤلاء الحالمين بالهجرة إلى الضفة الشمالية للمتوسط كانوا على متن قارب صيد مصري، وقد لقوا حتفهم ليلة السبت/الأحد قبالة السواحل المواجهة لمنطقة البردي على الحدود الليبية/المصرية بمسافة تقدر بثلاثة كيلومترات داخل البحر. وتحوّلت ليبيا خلال السنوات الماضية إلى دولة عبور باتجاه أوروبا بالنسبة إلى مئات آلاف المهاجرين معظمهم من الأفارقة، حيث يتكدّس هؤلاء الحالمون بالهجرة في قوارب صيد ومراكب بسيطة، للمغامرة بعبور المتوسط إلى جزيرة مالطا وكذلك جزيرة "لامبيدوزا" الإيطالية قبالة صقلية. ومازالت هذه القضية تثير جدلا واسعا داخل الاتحاد الأوروبي، فيما لا تتردّد دول الضفة الجنوبية للمتوسط، وخاصة ليبيا وتونس وكذلك المغرب، في اتهام بعض الدول الأوروبية بتضخيم هاجس الهجرة السريّة، وتحويله إلى ورقة ابتزاز تُلوّح بها بين الحين والآخر للضغط على هذه الدولة أو تلك.