أسئلة الحرية، الاستقلالية وحماية سرية مصادر الخبر؟ أعلن مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، عن الانتهاء من إعداد مشروعي قانون، الأول يتعلق بقانون المجلس الوطني للصحافة، والثاني بقانون الصحفي المهني بالإضافة إلى مشروع قانون الصحافة والنشر الذي قال عنه «إنه أصبح شبه جاهز». وأوضح مصطفى الخلفي خلال اللقاء الدراسي الذي نظمته وزارة الاتصال بشراكة مع اليونيسكو، حول موضوع «أجندة ما بعد 2015: أهمية وسائل الإعلام وحرية الإخبار من أجل التنمية في المغرب»، أول أمس السبت بالرباط، أن المجلس الوطني للصحافة، وفق ما تضمنه مشروع القانون، يعتبر هيئة مستقلة تنتج عن انتخابات مباشرة للصحفيين والناشرين وتشرف على هذه الانتخابات لجنة يرأسها قاض، وتضطلع بتقنين الولوج إلى المهنة من خلال تسليم بطاقة الصحافة، وتحث على النهوض بأخلاقيات المهنة، فضلا عن أنها ستشكل مؤسسة لتتبع احترام حرية الصحافة. وعكس ما ذهبت إليه بعض وسائل الإعلام، أكد الوزير أن مشروع قانون الصحفي المهني ينص بشكل أدق على حماية سرية مصادر الخبر وأن الإدارة لا يمكن لها تحت أي ظرف من الظروف أن تطالب الصحفي بالكشف عن مصادر خبره، وفي نفس الوقت توفر الضمانات التي تعزز استقلالية الصحفي، بدء من كون منح بطاقة الصحافة سيصير شأنا مهنيا، وانتهاء بتتبع مسار الصحفي، على اعتبار أن المخول لذلك هم المهنيون أنفسهم. إلى جانب ذلك، أفاد مصطفى الخلفي أن مشروع قانون الصحافة والنشر ستتم إحالته على المهنيين والناشرين خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرا إلى أن هذا المشروع يعد شبه جاهز، وضمنه المقتضيات القانونية المتعلقة بالصحافة الإلكترونية، وبالمهن المساعدة سواء تعلق الأمر بالطباعة أو التوزيع أو الإشهار. وأكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن هذه الخطوات القانونية ستمكن المغرب من التوفر على مدونة حديثة وعصرية للصحافة وفق التطورات التكنولوجية وتستجيب للمطالب المشروعة للمهنيين والناشرين، وتشكل إطارا لتعزيز تنافسية بلادنا على صعيد المنطقة على المستوى الإعلامي. في المقابل، أقر مصطفى الخلفي بقصور المنظومة القانونية الحالية، بالمقارنة مع الالتزامات الدولية للمغرب، وبالمقارنة مع المقتضيات الدستورية الجديدة، مؤكدا على أن هذه المنظومة في حاجة إلى مراجعة جذرية شاملة، تنسجم ما نص عليه الدستور من أن حرية الصحافة مضمونة، وأنها لا يمكن أن تخضع لأي شكل من أشكال الرقابة القبلية وأن الدولة ملزمة بتشجيع التنظيم الذاتي للمهنة بشكل مستقل وديمقراطي، وبأن الدولة معنية بتوفير الآليات التي تضمن التعددية اللغوية والثقافية والسياسية، سواء على مستوى الصحافة المكتوبة أو على مستوى السمعي البصري. وذكر الوزير بالتحديات التي يتعين رفعها خاصة تلك المتعلقة بحرية الصحافة وقضايا الاعتداء على الصحفيين والتي محط رصد من طرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية بمناسبة تقريرها السنوي الذي تم عرضه بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. واعتبر الخلفي أن حالات الاعتداء على الصحفيين، على الرغم من أنها لا تتجاوز 10 حالات، إلا أنها لا تشرف المغرب، وغير مقبولة وهي مخالفة لأحكام الدستور، وتقتضي جهدا جماعيا، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الوزارة قامت بتكليف المفتش العام لوزارة الاتصال بتلقي الشكايات المتعلقة بذلك ويقوم بدراستها مع الجهات المعنية، وأن يتم اتخاذ القرارات اللازمة بناء على هذه الدراسة. ودعا الوزير إلى ضرورة العمل على تعزيز استقلالية الصحفي واستقلالية الصحافة، ليس فقط عن السلطة التنفيذية بل أيضا عن سلطة المال وجماعات المصالح ومختلف مؤسسات التأثير التي قد تؤثر على مصداقية العمل الصحفي. وبعد أن اعتبر الخلفي أن التصنيفات الدولية الخاصة بحرية الصحافة، غير منصفة ولا تعكس بدقة حرية الصحافة بالمغرب، قال ممثل اليونيسكو بالمنطقة المغاربية، مايكل ميلوارد، إن منظمة اليونيسكو «ليست طرفا في هذه التصنيفات»، وبعد الإشارة إلى العلاقة القائمة بين برنامج أهداف الألفية للتنمية وضرورة إرساء إعلام تعددي ومستقل وحر، أشاد المتحدث بكون «المغرب من الدول التي تنشر بشكل تلقائي التقارير المتعلقة بمستوى تحقيق أهداف الألفية»، مؤكدا على أهمية الأوراش التي انخرط فيها المغرب، والتي تهم أساسا تطوير البيئة القانونية المؤطرة لقطاع الصحافة والنشر وتعزيز ضمانات ممارسة المهنة ودعم قدرات الصحفيين. من جانبها، أكدت آنا أمركرن، سفيرة مملكة السويد بالمغرب، على «أهمية الدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام في مجال إرساء قواعد الديمقراطية والنهوض بالتنمية وتعزيز الحكامة الجيدة»، وأضافت أنه في الوقت الذي تسجل فيه وسائل الإعلام انتهاكات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يشهد المغرب تقدما في مجال إقرار حرية الصحافة. يشار إلى أن هذا اللقاء الدراسي شهد تنظيم ورشتين حول موضوعي «وسائل الإعلام وحرية الإخبار في خدمة التنمية بالمغرب» و»أخلاقيات المهنة والتنظيم الذاتي». وعرف اللقاء حضور وزيري الاتصال السابقين محمد العربي المساري و خالد الناصري. وقد شارك في هذا اللقاء العديد من الهيئات المدنية والنقابية وخصوصا النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، وممثلين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، بالإضافة إلى فعاليات وباحثين أكاديميين.