الدعوة إلى نبذ الإرهاب والتطرف والغلو وقبول الاختلاف والرأي الآخر اختمت نهاية الأسبوع المنصرم فعاليات المؤتمر الدولي للفضاء الحداثي للتنمية والتعايش بالدار البيضاء تحت شعار «نعم للتعايش لا للإرهاب»، بحضور ممثلين عن الجمعية الدولية لضحايا الإرهاب وجمعيات من فرنسا وإسبانيا، بالإضافة إلى فعاليات مهتمة بالظاهرة الإرهابية وجمعيات وطنية وشخصيات سياسية ودينية. وتسعى الجمعية من خلال تنظيم هذا المؤتمر إلى فتح النقاش حول مفهوم الإرهاب الذي أصبح وباء ينخر المجتمعات ويشكل خطرا على السلم في العالم، وطرح السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي ساهمت وماتزال في تطور هذه الظاهرة. يهدف هذا الملتقى، الذي انطلق الجمعة، إلى المساهمة في ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش، ونشر قيم الانفتاح واحترام الآخر ومحاربة الغلو والتطرف كمصدر رئيسي لإنتاج الإرهاب والعنف. وفي هذا الصدد، أكد المنظمون خلال حفل الافتتاح أن اختيار موضوع التعايش ونبذ الإرهاب كشعار للملتقى»يأتي في سياق التحولات التي يعرفها العالم منذ أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001، حيث أصبح الإرهاب موضوعا مركزيا في نقاشات المجتمع الدولي، وداخل أروقة المنظمات الدولية التي تعمل على تحقيق السلم العالمي». وشددوا في هذا الإطار على أنه «إذا كان من الصعب تحديد مفهوم مجمع عليه لمصطلح الإرهاب وحصر صوره، إلا أنه يبقى من الضروري تكاثف جهود كل مكونات المجتمع الدولي بمختلف انتماءاتها العقدية والعرقية والفكرية من أجل معالجة السياقات التي تقود نحو ممارسة العنف والتقتيل، وتقويض أسسه»، معتبرين أن «الإرهاب لا يعني بالضرورة عمليات القتل الجماعي والمجاني، بل هو تعبير عن نسق فكري يرمي إلى نشر الرعب والخوف داخل المجتمعات المعاصرة، مما يفرض مواجهتها عبر نشر القيم التي تعلي من قيمة الفرد وتجعل منه فاعلا محركا في مسار التنمية المجتمعية». وأشارت باقي المداخلات إلى أن تنظيم تظاهرة من هذا النوع بالمغرب يعكس صورته كبلد للسلم والتعايش والتسامح، مؤكدين أن تجربته في مجال محاربة الإرهاب تعد تجربة متميزة نجحت في محاصرة الفكر المتطرف، ويمكن أن تشكل نموذجا يحتذى في هذا المجال. واعتبروا أن دور النخبة المدنية والسياسية يتمثل أساسا في تعبئة المواطنين وتوعيتهم لتحصين المجتمعات من كافة تمظهرات الغلو والتطرف أيا كان مصدرها، وتجفيف منابع الإرهاب عبر التربية على قيم المواطنة والتعايش السلمي والإيمان بالتعدد والاختلاف. وتم خلال هذا الملتقى، الذي نظم على مدى ثلاثة أيام، مناقشة مجموعة من المواضيع التي تهم دور الديانات السماوية في نشر قيم التسامح والتعايش، وبؤر الإرهاب عبر العالم ودور العوامل الإقليمية والدولية في إشعالها، ودور التأطير السياسي والديني والإعلامي في التصدي للظاهرة، والمقاربة الحقوقية والإعلامية للإرهاب وطنيا ودوليا، ودور المجتمع المدني في محاربة الظاهرة والحد من انتشارها، علاوة على تقديم شهادات حية لمجموعة من ضحايا عمليات إرهابية من داخل وخارج المغرب. وتجدر الإشارة إلى أن جمعية الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش أسست في يونيو 2003 إثر أحداث 16 ماي الإرهابية، من أجل المساهمة في نشر فكر التسامح والتعايش داخل المجتمع، ومحاربة كل مظاهر الإقصاء داخله من خلال الدعوة إلى نبذ الإرهاب والتطرف والغلو وقبول الاختلاف والرأي الآخر.