حضيت واقعة سيدي بطاش باهتمام كبير من لدن الرأي العام الوطني ووسائل الإعلام، والجميع استنكر السلوك الأرعن الذي قام به القائد في حق شاب من أبناء المنطقة، ما جعله لا يتحمل الإهانة وأقدم على الانتحار. وإذ نسجل هنا بايجابية كبيرة التحرك والقرار العاجلين من لدن السلطات المركزية المعنية، وقيامها باتخاذ المتعين، وبعث إشارة واضحة للجميع بأن لا أحد فوق القانون، فإننا في الوقت نفسه نسجل استمرار هذه العقلية البدائية المتشبعة بالشطط والمفهوم العتيق للسلطة وسط عدد من مسؤولي الإدارة الترابية، خصوصا في المناطق والجهات، والخطير أنها تتفشى حتى وسط بعض هؤلاء المسؤولين من الجيل الشاب، والذين التحقوا أخيرا بصفوف السلطة، وهذا يتطلب تأملا علميا وجديا من لدن الجهات المسؤولة، ويقتضي عملا رصينا وفي العمق على صعيد مقررات ومنظومات التكوين، والحرص على إعدادهم المهني والنفسي، وتربيتهم على ثقافة الديمقراطية والقانون وحقوق الإنسان واحترام كرامة البشر. إن خطورة ما اقترفه القائد الصغير في سيدي بطاش، وابن المسؤول الكبير، تكمن في أنه أهان مواطنا في كرامته وحريته الفردية، وتجاوز حدود مسؤوليته الإدارية، وبذلك تسبب في انتحار الضحية، كما أن هذه الخطورة تتجلى أيضا في كون مثل هذا الطيش الصبياني المفتقد للتربية ولحس المسؤولية وللنضج يؤدي مباشرة إلى إلغاء كل ما يمكن اعتباره مكتسبات وتجليات تقدم للبلاد في مجالات الديمقراطية واحترام القانون، ولن يبقى أحد في العالم يذكر أو يتكلم إلا عن ... فضيحة سيدي بطاش، وهذا يجعل الفعل الجرمي هو أساسا ضد البلاد ومستقبلها وصورتها. قائد سيدي بطاش يجر معه كذلك سوابق في الاعتداء على الناس، وفي ممارسة الرعونة، وكان قد اعتدى من قبل على رفيقنا الياوحي في تمارة، وسجلت في حقه كثير شكايات من لدن المواطنين في أكثر من منطقة، لكنه دائما كان يخرج من الورطة بسلام، وينقل إلى مكان عمل آخر، وكأن هناك من يشجعه على مواصلة «بلطجيته»، ويضفي عليه حصانة غريبة من كل مسؤولية أو من أي التزام بالقانون. هنا يجب أن تتحمل جهات أخرى مسؤوليتها على هذا التواطؤ، وتتم محاسبتها هي أيضا، كما يجب إعادة فتح ملفات باقي الشكايات التي جرى حفظها أو إقبارها، والتحقيق الجدي فيها، وتطبيق القانون، كما لابد أن تدفع فضيحة سيدي بطاش المصالح المركزية لوزارة الداخلية للانكباب على منظومة التأديب الداخلي المعمول بها تجاه موظفيها، الذين هم للتذكير مكلفون بتنفيذ القانون وليس الدوس عليه بأحذيتهم. المغرب اليوم في حاجة إلى رجال ونساء سلطة يمتلكون التكوين والمهارة الضروريين، لكنهم أيضا يتميزون بالنباهة اللازمة، وبالتربية والأخلاق واحترام الناس، وبالوعي بأهمية احترام القانون، وصيانة صورة المملكة لدى المواطنات والمواطنين، وفي العالم برمته. المفهوم الجديد للسلطة الذي جعله جلالة الملك عنوانا لعهده، وما فتئ يلح عليه ويذكر به، هو يعني، بالإضافة إلى القوانين والمساطر والآليات، وجود مسؤولين في المركز وفي الجهات يجسدون روحه ومعناه في سلوكهم اليومي تجاه الناس. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته