عاد الهدوء إلى مدينة تيفلت، فجر أمس الأربعاء، بعد يوم كامل من فوضى عارمة أعقبت احتجاج عشرات المواطنين الذين تضامنوا مع شاب تسلق اللاقط اللاسلكي المثبت فوق سطح مفوضية أمن المدينة، مهددا بالانتحار في حال عدم التجاوب مع مطالبه. وكان هذا الشباب، وهو بائع متجول للهواتف النقالة «فراش في الشارع»، قد تسلق اللاقط اللاسلكي المثبت فوق سطح مفوضية الأمن بالمدينة، مساء أول أمس الثلاثاء، وهدد بالانتحار احتجاجا على العنف الذي قال إنه تعرض له داخل المفوضية على يد أحد المسؤولين الأمنيين الذي سبق وأن اشترى منه هاتفا نقالا من الهواتف الذكية، منذ حوالي سنة، دون أن يؤدي ثمنه. وقد أثار منظر الشاب المتسلق ل «بناية أمنية موقرة» داخل المدينة، استغراب المارة الذين تجمهروا بالمئات أمام المفوضية، ما أدى إلى عرقلة حركة المرور بالشارع الرئيسي. وسارع أعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى جانب مناضلين من حزب التقدم والاشتراكية، إلى الدخول مع الشاب المحتج في مفاوضات طويلة دامت قرابة الست ساعات، تمكنوا خلالها من إقناعه بالتراجع عن فكرة الانتحار والنزول من على اللاقط اللاسلكي، مقابل عرضه على الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط. بيد أن عملية النزول لم تكن دون نتائج سلبية. فقد أصيب الشاب بكسور عند محاولته القفز من علو ثلاثة أمتار. وبتدخلهم العفوي، سارع المواطنون إلى إسعاف المصاب ما أحدث ازدحاما أمام مفوضية الشرطة، ما دفع رجال الأمن للتدخل في محاولة لتفريق المواطنين. وهي عملية أدت إلى احتكاكات قوية بين المتجمهرين ورجال الأمن، تطورت إلى انفلات أمني حقيقي، خاصة بعد شروع بعض المراهقين في الرشق بالحجارة، أصيب على إثرها العديد من المواطنين وأفراد من رجال الأمن إصابات متفاوتة، وتعرضت بعض الممتلكات العامة والخاصة للتخريب، حيث تم تكسير واجهة وكالة بنكية في المدينة، وتكسير زجاج العديد من السيارات التي كانت مركونة بالشارع، بالإضافة إلى إحراق الإطارات المطاطية وسط قارعة الطريق. ولم يتمكن أمن تيفلت من التحكم في الوضع إلا بعد وصول تعزيزات أمنية من خارج المدينة، قامت بعملية تمشيط واسعة اعتقل على إثرها بعض المشتبه في تورطهم في إشعال فتيل فوضى أغرقت المدينة لساعات طوال في أتون انفلات أمني خطير.