السياحة بواحة سكورة تعاني الخصاص على مستوى البنيات الأساسية وضعف المساهمة الضريبية تشكل السياحة الصحراوية بواحة سكورة (إقليمورزازات) فرصة مواتية لبناء التنمية المحلية التي تعول عليها الساكنة كثيرا بعد قطاع الفلاحة. وهي ترتكز على مؤهلات المنطقة الطبيعية والتراثية والتاريخية حيث يتزاوج المناخ الجاف بالواحات الخضراء وتتجاور الطبيعة العذراء بالمداشر الجبلية. وهي كلها إمكانات تساهم في توفير عرض سياحي قل مثيله على المستوى الدولي، مما يفسح المجال للمنطقة في أن تكون أكثر تنافسية وجلبا للسياح على المستوى الدولي، بل وقيمة مضافة للسياحة المغربية. لكن لتحقيق ذلك، وجب سن إستراتيجية مستدامة للتنمية السياحية المحلية قوامها حزمة إجراءات تهم تقوية البنيات الأساسية وحسن الترويج والتسويق للمنتوج السياحي المحلي و تثمين التراث الثقافي والغنائي والشفوي للمنطقة وتطوير وسائل النقل الداخلي ودعم تنافسية القطاع. إمكانات إيواء هائلة ومساهمة ضريبية متواضعة تشمل المؤسسات السياحية بالمنطقة، على مؤسسة واحدة للضيافة الراقية بدوار أولاد الشيخ علي بقلب الواحة، وهي قصبة قديمة شرع في استغلالها وتحويلها إلى مؤسسة للإيواء السياحي، قبل حوالي عشرين سنة خلت، من طرف شركة سياحية أجنبية، إلى جانب دور للضيافة من المستوى الأول عددها ثمانية، يتوزع تدبيرها بين المنعشين السياحيين المحليين، والأجانب وتحقق نسب ملء متوسطة، هذا إضافة إلى العديد من المآوي المرحلية المتفاوتة ومخيم سياحي واحد و فندق عصري واحد. وتتوزع الخدمات التي توفرها لزبنائها هذه المؤسسات المتفاوتة في تصنيفها، بين الخدمات الداخلية كالمطاعم والمسابح ومواقف السيارات والهاتف والانترنت و الصونا والتكييف والتلفاز وقاعات الألعاب و الرياضات وغيرها، والخدمات الخارجية كتنظيم الخرجات السياحية وتوفير النقل السياحي والمرافقين السياحيين ... الخ. ومعظم هذه المؤسسات تحافظ على الشكل التقليدي في بنائها بالمواد المحلية مع بعض الإضافات التي تجمل منظرها العام . لا تساهم هذه المؤسسات مجتمعة، سوى بحوالي 17 مليون سنتيم فقط في مداخيل ميزانية الجماعة القروية لسكورة أهل الوسط، عبر الرسم المعروف بالضريبة على الإقامة بالمؤسسات السياحية، كما تشغل حوالي 300 شخص بطريقة مباشرة، وحوالي ألف شخص بطريقة غير مباشرة عن طريق الأنشطة الموازية للقطاع، غير أن بإمكانها المساهمة بأكثر من ذلك بكثير لو خضعت لحكامة ومراقبة جيدتين، فالجميع، بات يعرف أن مؤسسات كثيرة لا تصرح بالعدد الحقيقي لزبنائها سنويا، من أجل التهرب الضريبي. زد على ذلك أن تدبير معظم المآوي السياحية الصغيرة يغلب عليه الطابع العائلي، الشيء الذي يحول دونها و دون تحقيق الاحترافية و التطور. فقر في البنيات الأساسية و ضعف التسويق السياحي و مشاكل أخرى نظرا لطبيعتها القروية ولتشتت أطرافها، فان معظم مناطق واحة سكورة تعاني خصاصا مهولا في البنيات الأساسية كالطرق والقناطر، مما يؤثر سلبا على نشاط معظم المؤسسات السياحية الواقعة وسط الواحة، والتي يزيد عددها عن ثلثي العدد الإجمالي، بحيث لا تساعد أبدا المسالك الترابية على الولوج و التعمق في الواحة خصوصا إبان فترات تساقط الأمطار وتوحل الطرق، إضافة لضيقها وتقطعها باستمرار بفعل ارتفاع منسوب الأودية و فيضانها، ويزيد من تعقد المسألة غياب أية وسائل للتشوير والتوجيه الشيء الذي يؤدي لتيه السياح وسط الواحة و إحجامهم عن الاستكشاف و البحث عن مؤسسات الإيواء هناك. في الحقيقة، فإن غياب وكالة محلية للأسفار والرحلات، زيادة عن غياب مكتب للإرشاد السياحي بالمنطقة وانتشار المرشدين السياحيين المزيفين، يؤدي إلى إفقاد المنطقة عددا لا يستهان به من السياح بفعل الممارسات المشينة والمسيئة للمهنة التي يقوم بها المرشدون المزيفون في حق السياح و التي تصل حد النصب و الاحتيال و ابتزاز الأموال و التي تؤثر سلبا على سمعة المنطقة في غياب تام لأدنى تدخل من السلطات المحلية لوضع حد لذلك. في الواقع أن انتشار الإيواء السياحي العشوائي تحت مسمى السياحة التضامنية أو الإيواء العائلي أدى إلى إضعاف المؤسسات المرخصة بفعل ممارستهم للإيواء السياحي بدون رخصة بأثمان جد رخيصة بلغت حد الخمسين درهما (50 درهما) لليلة الواحدة بينما تتراوح السومة العادية للإيواء بين 250 درهما و 1200 درهما بالمؤسسات المرخصة، في حين تلجأ عائلات أخرى أجنبية إلى شراء منازل قديمة و تحويلها إلى رياضات (Riad) مجهزة ومفروشة تكتريها للأجانب عن طريق عرضها على الانترنت، مع استعمال خدمة الأداء المسبق بالبطاقات البنكية الدولية لتحصيل الأموال وتكليف حارس محلي بتدبير تسليمها للأجانب في الزمان و المكان المتفق عليهما، وهي عملية تجني بها أرباحا صافية كبيرة لا تؤدي عليها أية ضرائب . من جهة أخرى يشتكي العاملون بقطاع السياحة بواحة سكورة من غياب خطة للتسويق والترويج السياحي لمنتوجهم، سواء داخل الوطن أوخارجه، و هو شيء يرجعه البعض لضعف التمثيلية داخل المجلس الإقليمي للسياحة و هيمنة تكتلات كبرى داخله، تعمل على قطع الطريق على الفاعلين الصغار الخارجين عن مدار المدينة بالخصوص، كما يتوق هؤلاء الفاعلون إلى تدخل وزارة السياحة عن طريق مندوبيتها الإقليمية لتصحيح المسار وبناء وتفعيل خطة مستدامة للنهوض السياحي، قوامها حملات إعلامية ودعائية دائمة بواسطة الإعلام المرئي والمكتوب، على مستوى الوطني والدولي و إعداد نشرات و دوريات دعائية متعددة اللغات وعقد لقاءات موضوعاتية بين الفينة و الأخرى، هذا إضافة إلى تنظيم زيارات للوكلاء السياحيين المغاربة والأجانب للمنطقة شبيهة بتلك التي نظمت لفائدة الجمعية الجهوية لوكالات الأسفار بالدار البيضاء على مدار يومين، وتم فيها استكشاف مدينة ورزازات شهر نونبر2013 بهدف التعرف على المنطقة والوقوف عن قرب على منتوجها السياحي المحلي، وتوجت بالتوقيع على اتفاقية ثنائية للشراكة والتعاون للنهوض بالقطاع، وتلك التي نظمت لفائدة منعشين سياحيين وصحافيين برازيليين بالثالث والرابع من نونبر 2013، وأخرى نظمت لفائدة رجال الأعمال والمقاولين السياحيين الايطاليين و الألمان وغيرهم. التنظيم الجمعوي من الفكرة إلى التحدي على مدى سنوات ظلت فكرة التنظيم الجمعوي للفاعلين السياحيين بالمنطقة مغاربة و أجانب، حلما يراودهم، إلى أن تحققت الفكرة بفعل دخول كفاءات شابة ذات تجربة احترافية بالقطاع، ولجت الميدان و أنشأت تنظيمها الجمعوي، هذا المولود الذي رفع شعار تطوير السياحة في واحة سكورة وجعله رافعة للتنمية في المنطقة، ما فتئ أن اصطدم بواقع الحال بفعل انعدام الدعم المادي واللوجيستيكي وجسامة التحديات المتمثلة في اشتداد المنافسة غير المشروعة وضعف البنيات الأساسية وصعوبة الالتزام ببرنامج عمل تنموي مدقق ومفصل، غير أن ذلك لم يمنع الجمعية من تركيز جهودها من أجل جعل واحة سكورة وجهة سياحية متفردة للسياحة الصحراوية /القروية، وجعل القطاع شريكا رئيسيا بمجال التنشيط الاقتصادي والثقافي والتراثي بالمنطقة، من خلال المشاركة بمهرجان سكورة الأول و دعم جهود الدولة في تنمية التراث المعماري لسكورة من خلال الحفاظ على القصبات و القصور/ وتثمينها وحمايتها، كما ساهمت الجمعية منذ نشأتها في جهود المجتمع المدني لحماية نخيل الواحة من العمليات التجارية التي استهدفت اجتثاثه وإبادته، وهي اليوم تسعى لتشكيل جبهات للتعاون مع المنظمات الوطنية والدولية لتعزيز قطاع السياحة في سكورة وتنميته.