أكد وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، أول أمس الاثنين بجنيف، أن المغرب ملتزم بقوة بخدمة قضايا السلم والتنمية في أفريقيا، وكذا تعزيز قدرات بلدانها في مختلف المجالات. وقال الرميد، في الاجتماع رفيع المستوى للدورة ال25 لمجلس حقوق الإنسان، إن «بلادنا ملتزمة بالنسبة لتعزيز قدرات البلدان الأفريقية ودعم قضاياها على المستوى الثنائي وفي إطار مجلس حقوق الإنسان وآلياته». وأكد الوزير، أمام وفود البلدان الأعضاء في الأممالمتحدة، أن المملكة لن تدخر أي جهد من أجل الدفاع عن القضايا الإفريقية، وعلى الخصوص التنمية المشتركة ومحاربة الفقر، والنهوض بحق التعليم والصحة والماء الصالح للشرب، وغيرها من الحقوق الأساسية. وجدد في هذا السياق التأكيد على عزم المغرب دعم الجهود الدولية لحفظ السلم وتعزيزه في منطقة الساحل والصحراء، وذلك في إطار التعاون الإقليمي، من خلال مقاربة للشراكة جنوب-جنوب مبنية على تثمين العنصر البشري. وذكر بأن المملكة، باعتبارها عضوا في مجلس حقوق الإنسان، عبرت عن تضامنها الكلي مع جمهورية افريقيا الوسطى، حيث تساهم هناك في العملية الدولية لحفظ السلام تحت إشراف الأممالمتحدة . من جهة أخرى، قال الوزير إن «المملكة تعرب لشعب مالي الشقيق عن دعمها الكلي لعملية إعادة الإعمار ومسلسل المصالحة الوطنية في احترام للوحدة الترابية والسيادة الوطنية لدولة مالي». وأشار إلى أنه من هذا المنطلق، وتنفيذا لتوجيهات جلالة الملك، اعتمد المغرب سياسة جديدة للهجرة، متشبعة بالقيم الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان في تناغم مع الالتزامات الدولية للمملكة وبشراكة مع منظمة الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي و جميع الأطراف المعنية. وأبرز أن المغرب قام في هذا السياق بتسوية وضعية 530 من اللاجئين المعترف بهم على هذا النحو من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وذلك قبل إطلاق عملية تسوية أوضاع المهاجرين في وضعية غير قانونية. وأوضح الوزير أن هذه المبادرة تعبر عن الاهتمام الخاص الذي يوليه المغرب لقضية الهجرة، بما في ذلك تحسين وضعية المهاجرين المغاربة في بلدان الاستقبال والرعايا الأجانب المقيمين في المغرب. وفي هذا السياق، دعا الرميد إلى تسريع المصادقة على الاتفاقية الدولية حول حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وإلى تعاون دولي مكثف من أجل مواجهة التحديات المرتبطة بالهجرة. كما أبرز الدعوة التي أطلقتها المملكة بهدف اعتماد رؤية افريقية في هذا المجال، على أساس مبادئ القانون الدولي الإنساني، والمبادرة التي تحمل اسم «التحالف الإفريقي للهجرة والتنمية». ومن جانب آخر، أشار الرميد إلى أن المغرب، البلد المؤسس والعضو حاليا بمجلس حقوق الإنسان، يجدد التأكيد على انخراطه الكامل لفائدة حماية والنهوض بحقوق الإنسان في العالم، وذلك في إطار الحوار البناء وثقافة التسامح والاعتدال. وقال إن «المملكة تولي في هذا المجال أهمية خاصة للتعاون والتضامن الدوليين، والدفاع عن الحق في تنمية دول الجنوب، ومكافحة التوظيف السيء لحقوق الإنسان، مع الاستلهام من مبادئ المساواة بين الدول، ومسؤوليتها في مجال حماية مواطنيها، واستقلالها ووحدتها الترابية». وأضاف أن «هذا الانخراط الحاسم في تعزيز الحقوق الإنسانية يشكل امتدادا للعمل التشاركي الذي جعل المغرب منه خيارا استراتيجيا ولا رجعة فيه، والذي ترسخ بفضل الانخراط الشخصي لجلالة الملك في هذا الأفق». وذكر في هذا الصدد بالأوراش الكبرى التي أطلقها جلالة الملك في مجالات النهوض بالحريات الفردية والجماعية، وحماية حقوق المواطنين، والمهاجرين واللاجئين. وفي معرض حديثه عن تدابير الإصلاح القانوني والمؤسساتي، توقف الوزير عند الآليات الجديدة التي تم إرساؤها لتعزيز حقوق الإنسان في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والتي شملت أيضا الأقاليم الجنوبية للمملكة. وأشار في هذا الإطار إلى افتتاح فروع للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ولاسيما المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكذا اعتماد نموذج تنموي جديد بالأقاليم الصحراوية أشرف على بلورته المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وفي ما يتعلق بقضية الصحراء، أكد الوزير أن المغرب يتعاون بجدية وبحسن نية مع مجلس الأمن بغية التوصل إلى حل دائم ومتفاوض بشأنه، وقائم على مبادرته الشجاعة للحكم الذاتي والتي وصفها المجلس في قراراته بالجدية وذات المصداقية منذ سنة 2007. وقال إن «المملكة التي تعد منخرطة بشكل كامل في إيجاد تسوية سياسية برعاية الأممالمتحدة، تدعو الأطراف الأخرى إلى التحلي بروح التوافق والواقعية قصد التقدم نحو حل سياسي وفقا لقرارات مجلس الأمن». وتم انتخاب المغرب في نونبر المنصرم في مجلس حقوق الإنسان للفترة ما بين 2014 و2016 اعترافا بانخراطه المتواصل في تعزيز دولة الحق والقانون وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان ومبادئ الحكامة الجيدة.