تعيش أوكرانيا تسارعا للأحداث عقب فرار الرئيس الأوكراني من العاصمة كييف، إثر سيطرة أنصار المعارضة على عدد من المباني الحكومية وتقلد البرلمان زمام الأمور في البلاد، وسط خلافات دولية بين رافض ومؤيّد. وأقر البرلمان الأوكراني، الأحد الماضي، نقل صلاحيات الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوفكوفيتش إلى رئيس البرلمان ألكسندر تورتشينوف بصفة مؤقتة، لحين عقد انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة ائتلافية في غضون الأيام القادمة، حيث أيد هذا القرار 287 نائبا من أصل 450.وإثر توليه صلاحيات الرئيس، طالب تورتشينوف النواب بالتوصل قريبا إلى اتفاق بشأن تشكيل أغلبية برلمانية وحكومة وحدة وطنية. كما قرر البرلمان إقالة القائمين بأعمال وزراء الخارجية ليونيد كوجارا والتعليم والعلوم دميتري تاباتشنيك والصحة رائيسا بوغاتيريوفا، بالإضافة إلى مصادقة معظم نواب البرلمان على مشروع قانون يسمح للبرلمان بتعيين القضاة. من جهة أخرى، صوّت 326 من أصل 450 نائبا في البرلمان لصالح إلغاء القوانين الصادرة في 16 يناير والتي أدى إقرارها في ذلك الحين إلى تصعيد النزاع بين الحكومة والمعارضة. وألغى البرلمان أيضا قانون عام 2012 حول وضع اللغات في أوكرانيا، والذي منح اللغة الروسية سيطرة واضحة في المقاطعات التي يقطنها 10 بالمئة على الأقل من الأوكرانيين، إذ أنه تم اعتبارها اللغة الأم رسميا في 13 من مجموع 27 مقاطعة في البلاد. من جانبها، قررت وزارة الداخلية الأوكرانية إطلاق سراح 64 معتقلا، بسبب مشاركتهم في احتجاجات العاصمة كييف، بحسب ما كشفه مفوض الرقابة بالوزارة أرسين أواكوف. وأشار المسؤول الأوكراني، إلى أنه تم فتح تحقيقات في عمل مجموعة من أفراد قوات الأمن، وعدد من موظفي الوزارة ودوائر الأمن الإقليمية فيما يخص المشاركة في الأحداث الأخيرة. ولفت أواكوف إلى أن الوزارة عقدت جلسة مشتركة مع قوات الدفاع الذاتي لميدان الاستقلال والقطاع الأيمن، وموظفي الوزارة الذين أيدوا الشعب وكذلك قيادة مصلحة الأمن الأوكرانية، موضحا أن الاجتماع تركز على بحث مسائل ضمان الأمن والنظام في العاصمة كييف، وتنظيم دوريات مشتركة وحراسة المنشآت المهمة في المدينة. وقد تمت المصادقة على آليات وأشكال التعاون بين رجال الشرطة والمحتجين في ميدان الاستقلال. من جانب آخر، صرح نيقولاي تومينكو، النائب عن حزب «الوطن» في البرلمان الأوكراني، بأن المجلس ينظر في مسألة ترشيح رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو إلى منصب رئيس الحكومة، مضيفا أن البرلمان ينظر أيضا في ترشيح رئيس حزب «الوطن» أرسيني ياتسينيوك والنائب المستقل بيوتر بورشينكو إلى نفس المنصب. ودعا تومينكو إلى حظر نشاط حزب «الأقاليم» والحزب الشيوعي، بالتزامن مع اقتراح النائب المستقل أوليغ لياشكون حظر نشاط حزب «الأقاليم» (حزب يانوكوفيتش) والحزب الشيوعي في أوكرانيا. وجاء في بيان نشر في موقع البرلمان على شبكة الإنترنت أنه تم تسجيل مشروع قرار بهذا الشأن في المجلس، الأحد الماضي. من جانبه، طالب ممثل الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش في برلمان البلاد يوري ميروشنيتشينكو، بأن حزب «الأقاليم» يجب أن يدخل تركيبة الائتلاف الحكومي المقبل، مطالبا ببدء العمل بدستور 2004 في غضون الأيام العشرة المقبلة، ليتم بعد ذلك تشكيل ائتلاف برلماني وحكومة جديدة. وأعرب عن اعتقاده بأن الائتلاف البرلماني الجديد سيضم أحزاب «الضربة» و»الوطن» و»الحرية»، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أهمية أن يصبح حزب «الأقاليم» عضوا في الائتلاف حفاظا على وحدة الأراضي الأوكرانية، حسب قوله. وكانت رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة يوليا تيموشينكو قد وصلت إلى ميدان الاستقلال بقلب العاصمة كييف، لتحية الآلاف من مؤيديها بعد أن غادرت المستشفى التابع لإدارة السجون في خاركوف، حيث كانت تتلقى العلاج تحت حراسة مشدّدة. وقالت تيموشينكو إن «الديكتاتورية سقطت في أوكرانيا» في إشارة إلى عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بقرار من البرلمان بوصفه غير قادر دستوريا على الاضطلاع بمهامه الدستورية. وأعلنت تيموشينكو قبل توجهها إلى كييف أنها سترشح نفسها لانتخابات الرئاسة التي ستجرى في البلاد في 25 مايو المقبل. وعزل البرلمان الأوكراني الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، بعد احتجاجات في الشوارع على مدى ثلاثة أشهر، حيث غادر يانوكوفيتش العاصمة كييف، السبت، متوجها إلى مدينة خاركوف شرق البلاد، أين أدان قرار البرلمان ووصفه ب»الانقلاب». وكانت وسائل إعلام أوكرانية قد تداولت، خبر محاولة الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش مغادرة البلاد على متن طائرة من مطار دونيتسك شرق البلاد وقيام قوات حرس الحدود بمنع طائرته من الإقلاع، وتبع ذلك خروج يانوكوفيتش من الطائرة ومغادرته للمطار. وأكد يانوكوفيتش في حديث تلفزيوني، أنه لن يوقّع القوانين التي أصدرها البرلمان الأوكراني مؤخرا، معتبرا هذه القوانين غير شرعية واصفا المعارضين الأوكرانيين بأنهم مجرمون، كما أكد يانوكوفيتش أنه لا ينوي مغادرة البلاد لأنه رئيس شرعي، وقد حصل على ضمانات الحماية من قبل الوسطاء الدوليين. وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية في بيان لها أن القوات المسلحة لن تتورط في الأزمة السياسية الراهنة التي تعيشها البلاد. وعلى صعيد آخر، ذكر مسؤول في الخارجية الأميركية أن كيري ولافروف، اتفقا على ضرورة التوصل إلى حل في أوكرانيا دون اللجوء إلى العنف، وأن كيري أكد على أهمية تشجيع أوكرانيا على اتخاذ خطوات في سبيل إجراء تعديلات دستورية ونبذ العنف وتشكيل حكومة ائتلافية وإجراء انتخابات مبكرة.