استمر الغموض بأوكرانيا حول مصير الرئيس فيكتور يانوكوفيتش غداة قرار البرلمان الإطاحة به من الحكم، وبينما عبرت عدد من الدول عن دعمها لكييف لتجاوز الأزمة الحالية أعلنت المعارِضة يوليا تيموشينكو ترشحها للانتخابات الرئاسية المقررة في 25 مايو القادم. ووفق مصادر صحافية، فإن رئيس البرلمان أوليكسندر تورتشينوف سيتولى منصب الرئاسة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة، وذلك بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة وإعادة تفعيل دستور 2004. وأعلن حرس الحدود الأوكراني أن الرئيس المقال حاول السبت الماضي رشوة حرس الحدود في دونيتسك بشرق البلاد (وهي مسقط رأسه ومعقل أنصاره) لكي يسمحوا لطائرته بمغادرة البلاد، لكن محاولته باءت بالفشل. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم حرس الحدود سيرغي إستاهوف تأكيده أن «طائرة خاصة كان يفترض أن تقلع من دونيتسك ولكن لم تكن لديها الأذونات اللازمة» مضيفا أن المسؤولين لما وصلوا إليها استقبلهم مسلحون وعرضوا عليهم مبلغا من المال مقابل السماح للطائرة بالإقلاع دون ترخيص». وذكر إستاهوف أن الرئيس يانوكوفيتش نزل من الطائرة مباشرة بعد محاصرة مدرعتين لها وغادر المطار. ولم يفصح المتحدث عن الوجهة التي كانت الطائرة ستقصدها، إلا أن رئيس البرلمان الجديد تورتشينوف قال إن يانوكوفيتش كان ينوي المغادرة إلى روسيا. ويرفض يانوكوفيتش -الذي تنتهي ولايته في مارس 2015 والذي غادر كييف مساء الجمعة الماضي- الإقرار بالوضع الجديد في البلاد، وأكد أول أمس من مدينة خاركيف بشرق البلاد أنه لا ينوي أبدا الاستقالة أو مغادرة البلاد، واعتبر أن «البلاد تشهد انقلابا» ووصف البرلمان بأنه «غير شرعي». ودعا عدد من النواب الموالين ليانوكوفيتش خلال مؤتمر لنواب المقاطعات الشرقية والجنوبية وجمهورية القرم، سكان هذه الأقاليم إلى التعبئة، وتشكيل كتائب منظمة للتصدي لمن سموها المجموعات المسلحة التي سيطرت على السلطة في البلاد. وبينما يتراجع يانوكوفيتش عن الواجهة تدريجيا، عادت زعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو لتصدر المشهد بعد الافراج عنها بموجب قرار من البرلمان، وحثت تيموشينكو المتظاهرين على مواصلة الاحتجاج وخاطبت المتجمعين بميدان الاستقلال الذي حملت إليه وهي على كرسي متحرك، قائلة «ليس من الصواب أن تغادروا الميدان.. الأمر لم ينته بعد». وأعلنت تيموشينكو -التي كانت رئيسة للوزراء في فترة سابقة- أنها ستخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو القادم، وأكدت أنها تعتقد أن بلادها ستنضم للاتحاد الأوروبي. وحكم على تيموشينكو بالسجن عام 2011 بعد إدانتها بسوء استغلال سلطتها، لكن أنصارها يقولون إن محاكمتها كانت بدوافع سياسية. وموازاة مع التطورات السياسية، تعيش البلاد فراغا أمنيا بعد انسحاب قوات الأمن من أمام المقرات الحكومية، ودعت منسقة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون السياسيين في أوكرانيا إلى التصرف «بطريقة مسؤولة» من أجل الحفاظ على «وحدة أوكرانيا وسلامة أراضيها». وطالبت آشتون -في بيان- أنصار الرئيس المقال ومعارضيه إلى «مواصلة حوار بناء من أجل تحقيق التطلعات الديمقراطية المشروعة للشعب الأوكراني». ودعا البيت الأبيض الأميركي إلى منح الفرصة للشعب الأوكراني لتقرير مستقبله، ودعا إلى نبذ العنف والتركيز على الحوار السلمي والديمقراطي لتجاوز الأزمة الحالية. وأكد وزير الخزانة الأميركي جاك لو أن بلاده مستعدة للعمل مع روسيا ودول أخرى لإعادة الديمقراطية إلى أوكرانيا، وأوضح عقب لقائه وزير المالية الروسي أنطون سلوانوف -على هامش اجتماع مجموعة العشرين في سيدني- أن المساعدة ستسمح أيضا لأوكرانيا بتنفيذها إصلاحات لإعادة الاستقرار الاقتصادي. بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى تجنب العنف في أوكرانيا والحفاظ على «وحدته وسلامة أراضيه».