ووري الثرى بمقبرة «باب عجيسة»، بفاس، بعد صلاة ظهر أول أمس السبت، جثمان الفنان الراحل محمد العروسي، رائد فن العيطة الجبلية، الذي توفي الجمعة عن سن تناهز 80 سنة بعد صراع طويل مع المرض. ورافق جثمان الراحل محمد العروسي، الذي شكل على مدى عقود مرجعا فنيا لتراث العيطة الجبلية، إلى مثواه الأخير، العديد من الفنانين والمبدعين والمحبين والأصدقاء الذين قدموا من عدة جهات خصوصا من إقليم تاونات حيث ازداد الفقيد سنة 1934 ليودعوا هذا الهرم الفني الذي يعد أحد رواد فن الطقطوقة الجبلية. ويعتبر الفنان الراحل محمد العروسي، الذي عانى في السنوات الأخيرة من مشاكل صحية، أحد أعمدة فن العيطة الجبلية أحد الفنون الشعبية التقليدية التي يتغنى بها سكان العديد من الجهات الجبلية خاصة بمناطق الشمال الغربي للمملكة. وقد دفعه عشقه للموسيقى والغناء وهو ابن 12 سنة إلى مغادرة مسيد القرية حيث كان يتلقى تعليمه ليخصص كل وقته لهذا الفن عبر نظم مقطوعات غنائية وتلحينها وعزفها لا يرافقه في كل هذا سوى آلة وترية صنعها بنفسه. وقد تسببت إحدى أغنياته ذات الحسن الوطني التي تغنى بها زمن الاحتلال الفرنسي للمغرب في اعتقاله وإيداعه السجن لأنها لم تعجب سلطات الحماية. وكانت مسيرة الفنان الراحل حافلة بالعطاءات حيث حقق نجاحات كبيرة تجاوز صداها المنطقة الشمالية للمغرب لتعم كافة مناطق المغرب ويصبح بعد عقود من الإبداع والعطاء أحد أبرز رواد الموسيقى المغربية الشعبية وعراب فن الطقطوقة الجبلية. وقد حظي الفنان محمد العروسي، الذي أثرى بأغانيه ومعزوفاته الخزانة الموسيقية الوطنية، بالعديد من حفلات التكريم كما حصل على مجموعة من الجوائز والتوشيحات وذلك اعترافا بمكانته الفنية وبما أسداه للفن الشعبي وللموسيقى المغربية من خدمات. وكان الراحل محمد العروسي أكد، في حديث لوكالة المغربي العربي للأنباء في وقت سابق، أن الضرورة « تفرض إحصاء وتصنيف فن العيطة الجبلية وذلك من أجل صيانة هذا الموروث الفني وحمايته وضمان استمراريته وحضوره لدى الأجيال الصاعدة». وعلى الرغم من ثقل السنين فقد استمر الفنان الراحل في أداء دوره في المحافظة على هذا التراث الفني من خلال أعمال فنية أغنت الربرتوار المغربي وفاقت 560 أغنية، كما ظل يمارس شغفه بالموسيقى والفن إلى جانب اهتمامه بقضايا الفنانين والمبدعين حيث حضر أسابيع قليلة قبل وفاته لقاء بمدينة فاس كانت نظمته النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة خصص لمناقشة وبحث وضعية الفنانين وإصلاح نظام حقوق التأليف بالمغرب.