توفي، كما هو معلوم، مساء الجمعة الماضي بالرباط، الأستاذ والأكاديمي محمد جسوس، عن عمر يناهز 76 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض. ويعد جسوس أحد الشخصيات المغربية الفكرية والمعرفية البارزة، بالنظر إلى مساهماته القيمة في إرساء قواعد دراسات علم الاجتماع في المغرب، حيث تخرجت على يديه أجيال من الباحثين والمثقفين المغاربة. ومن أبرز أعمال الراحل محمد جسوس:»رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب» و»طروحات حول المسألة الاجتماعية» و»طروحات حول الثقافة والتربية والتعليم» و»طبيعة ومآل المجتمع المغربي المعاصر». وبرحيل هذه الشخصية المغربية الفذة يخسر المغرب أحد عقوله المتنورة التي ساهمت في انفتاح الجامعة المغربية على نظريات علم الاجتماع الحديث. وقد بعث جلالة الملك محمد السادس ببرقية تعزية إلى أفراد أسرة الراحل محمد جسوس، أعرب فيها لأرملة الفقيد وأبنائه ولكافة أهله وذويه ولعائلته الفكرية والثقافية الوطنية، عن أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة، في هذا المصاب الأليم. ومما جاء في البرقية «إننا لنستحضر في هذا الظرف المحزن، ما كان يتحلى به الفقيد من أخلاق فاضلة، وغيرة وطنية صادقة، وتشبث مكين بثوابت الأمة ومقدساتها. وبذلك فقد المغرب برحيله أحد مفكريه المتميزين والأساتذة البارزين الذين كان لهم الفضل في تأسيس الجامعة المغربية وترسيخ تقاليدها العلمية، والذين أثروا المكتبة المغربية والعربية بأبحاثهم الرائدة والقيمة، كما ساهم، رحمه الله، في تكوين أجيال متعاقبة من المثقفين والمفكرين في ميدان علم الاجتماع «. وجاء في وثيقة تكريمية لشخصية الراحل على موقع وزارة الثقافة المغربية» إن محمد جسوس، يعتبر بمثابة علامة فارقة في تاريخ السوسيولوجيا المغربية، بالنظر إلى الدور المتميز الذي لعبه منذ نهاية ستينات القرن الماضي في تكوين أجيال عديدة من السوسيولوجيين، وبصفة خاصة في انفتاح الجامعة المغربية الناشئة على مقاربات نظرية وممارسات ميدانية جديدة سمحت بتأسيس خطاب سوسيولوجي متميز بعقلانيته ونزعته النقدية من جهة، وبحرصه على التقيد بالاشتغال في حدود العلم ووفق ضوابط ومقتضيات كانت بدورها في طور التأسيس، ساهم محمد جسوس بحظ وافر في تقعيدها وترسيخها». وولد محمد جسوس سنة 1938 في مدينة فاس العاصمة العلمية للمغرب، وبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة توجه إلى كندا سنة 1957 ليحصل على شهادة الماجستير في علم الاجتماع سنة 1960، وينال بعدها شهادة الدكتوراه بالولايات المتحدة سنة 1968 في موضوع «نظرية التوازن ومسألة التغيير الاجتماعي»، ليعمل سنة 1969 أستاذا بجامعة محمد الخامس بالرباط، التي واصل بها مهامه حتى تقاعده سنة 2004 .