المغرب يبرم 300 اتفاقية تعاون مع أزيد من 34 بلدا إفريقيا أكد محمد الوفا الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة على قدرة القارة الإفريقية بالنظر لما تتوفر عليه من إمكانيات وقدرات هائلة بشرية وطبيعية على خلق وبناء نموذج تنموي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مكوناتها . وشدد الوزير الوفا، صباح أول أمس الاثنين، بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بالرباط، خلال افتتاح المؤتمر الدولي حول موضوع «إفريقيا تجدد اقتصادها، والذي تنظمه الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة والتحالف من أجل إرساء الحكامة في إفريقيا، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، على أنه حان الوقت لإفريقيا للتفكير جديا في إبداع وبناء نموذجها التنموي، في إطار التعاون جنوب - جنوب، يقوم على بناء اقتصاديات إقليمية مستديمة وحاملة للتنمية الوطنية والإفريقية وتطوير رؤية جديدة لتأسيس دينامية تخص الاقتصاديات المحلية، وذلك عبر الاستلهام من تجارب تنموية إفريقية ناجحة يمكن استثمارها والارتكاز عليها لتحقيق التجديد والنهوض الاقتصادي والاجتماعي للقارة السمراء. وأكد على أن موضوع التعاون مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء يعد أولوية ضمن الأجندة الدبلوماسية للمغرب وسياسته الخارجية، مبرزا أن هذا المسار يبدو جليا من خلال الزيارات المتعددة لجلالة الملك لمجموعة من دول القارة الإفريقية، والتي كان من نتائجها إبرام حوالي 300 من اتفاقيات التعاون مع أكثر من 34 بلدا، وإبرام 17 اتفاقية تخص المعاملة التجارية الخاصة والتفاضلية مع 17 دولة واتخاذ مبادرة بالإلغاء الكامل لديون المغرب المستحقة على البلدان الإفريقية الأقل نموا. وأبرز الأهمية القصوى التي يوليها المغرب للتعاون جنوب جنوب، مشيرا في هذا الصدد إلى التطور الذي مافتئت يعرفه التعاون في مجالات التنمية الاقتصادية وانخراط القطاع الخاص في هذا المسار وإلى ما ستقدمه الحكومة من جهود لدعم لصندوق إفريقيا 50 لمساعدة الخواص، فضلا عن ما أقدمت عليه شركة الخطوط الملكية المغربية بإطلاق رحلات جوية في اتجاه عدد من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وعبر الوزير عن يقينه على أن حجم التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية بين المغرب والبلدان الإفريقية سيتضاعف بدليل أن القانون المالي لسنة 2014 تؤكد فصوله على منحى الدفع بتفعيل اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. ومن جانبه أكد وزير الاتصال والمواصلات والاقتصاد الرقمي السنغالي الشيخ أبيبولاي دياي، على تيمة التكامل والاندماج بين دولها لإطلاق ديناميكيات للتنمية الاقتصادية للأقاليم والتنمية المحلية،وإطلاق شراكة مع القطاع الخاص الذي لايجب اعتباره عدوا للقطاع العام. هذا ولم يفت المسؤول السينغالي الإشارة إلى ضرورة العمل على تحسين وتطوير الحكامة سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي ،قائلا»إن التخلف ليس قدرا محتوما للقارة الإفريقية بل لها القدرة على تحقيق التجديد والنهوض الاقتصادي والاجتماعي». ويشار إلى أن هذه الدورة الثانية للأيام السنوية للحكامة في إفريقيا والتي تتمحور أساسا حول موضوع»إفريقيا تجدد اقتصادها» ،والذي تحتضنه العاصمة الرباط منذ أول أمس الاثنين وإلى غاية يوم غد الخميس ، يعد ترجمة لتوجه المغرب نحو عمقه الاستراتيجي ممثلا في إفريقيا جنوب الصحراء،و الدفع بالعمل الجماعي بين بلدان القارة لتتغلب على مختلف التحديات التي تتربص بها سواء أمنيا، اقتصاديا وتنمويا،و يشارك فيه نخبة من المسؤولين الحكوميين والقطاع العام والخاص والمنتخبين وممثلو المجتمع المدني وباحثين وأكاديميين من القارة السمراء وأوروبا . هذا ومن المنتظر أن تقارب الدورة مواضيع تهم إشكالية تحقيق التنمية والنهوض بالموارد البشرية ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء،وقضايا التعاون جنوب جنوب ،والتساؤل مجددا عن أسس الاقتصاديات الإفريقية وطرح ضرورة إبداع وخلق اقتصاد القارة وخاصة تحديد ومرافقة المبادرات التي تسهم في ذلك، وتحديد تصور إفريقي للتنمية المستدامة على اعتبار أن إفريقيا بالرغم مما تتوفر عليه من إمكانيات وموارد طبيعية لم تتمكن من انتشال ساكنتها من براثن الفقر والهشاشة. وأبرزت وثيقة وزرعها المنظمون بهذا الخصوص، أن إفريقيا تبقى بشكل مؤكد قارة المتناقضات، فبالرغم من أنها تتوفر بشكل أفضل على الموارد الطبيعية، فإنها مع ذلك تأوي السكان الأكثر فقرا في العالم، حيث تفيد الإحصائيات أنه خلال فترة 25 سنة الفارطة شهدت ظاهرة الفقر تراجعا واضحا في العالم ما عدا إفريقيا الصحراوية، حيث مافتئ عدد الفقراء يتضاعف، فهي المنطقة الوحيدة في العالم التي يعرف فيها الفقر من حيث النسبة المائوية حالة من الجمود، بل أسوأ من ذلك، فقد استفحل الفقر فيها من حيث القيمة المطلقة. هذا وتضيف ذات الوثيقة على أن القارة بدأت منذ 2000 تشهد نموا قويا نسبيا لكنه يخفي حقائق اجتماعية مرعبة وأشكالا من الهشاشة وكذلك ضعفا صارخا في البنى التحتية والطاقوية، إذ ومثلما يشير المجلس الاقتصادي الإفريقي في تقريره لسنة 2013، فإن هذا النمو لم يترجم لا بالتنوع الاقتصادي ولا بإنشاء مناصب عمل بالعدد الملائم وأقل من ذلك لم يترجم إلى تنمية اجتماعية واسعة. هذا وستتوزع أشغال المؤتمر إلى خمس ورشات تتمحور أساسا حول مواضيع تهم بناء وتعزيز رؤية للقدرات الإستراتيجية والسياسية والفكرية في خدمة إعادة تأسيس اقتصاد إفريقي واعد، واستعادة السيادة على كافة الموارد الطبيعية ووضعها في خدمة الاقتصاديات الإفريقية المستدامة، وإعادة التفكير في مسألة التصنيع والمؤسسة الإستراتيجية المتعلقة بتنمية القارة، وبحث مقاربات جديدة للتنمية الاقتصادية والمجالية، وكيفية بناء منظومات مالية داخلية لتمويل التنمية في القارة.