2013 شكلت الانطلاق نحو المستقبل على قاعدة صلبة تحظى بخطى ثابتة اعتبر مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض، أن سنة 2013 شكلت محطة هامة من أجل الحسم في آليات الحكامة المؤسساتية والإنطلاق نحو المستقبل على قاعدة صلبة وبخطى ثابتة، وأن التحدي الذي كان مطروحا هو البناء في العمق ومواجهة الإكراهات البنيوية وفق مخطط متكامل شمولي بمقاربة تشاركية وأهداف واقعية متفق عليها، قابلة للقياس، ومحددة بزمن أي مايسمى بلغة الخطيط الإستراتيجي أهداف ذكية. وأضاف مصطفى فارس، في كلمة بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2014 بمحكمة النقض، صباح أمس، حضرها إضافة إلى وزير العدل والحريات، وعدد من القضاة والمسؤولين القضائيين، وفد قضائي أمريكي، أن الحصيلة الأولية وفق الأهداف المسطرة والفرص المتاحة تنبىء عن مؤشرات ثقة في المستقبل، حددها في مجموعة من المحاور الإستراتيجية. فعلى مستوى المحور الإستراتيجي الأول المتعلق بمشاريع التحديث والحكامة، تحدث الأستاذ فارس عن مشروع المداولة الإلكترونية، وهو آلية تخول مشاركة آنية للمستندات والمعطيات الرقمية الضرورية لعملية المداولة عبر شاشات الحواسيب المحمولة، خاصة مستند مشروع القرار المتداول بشأنه، معتبرا أن سنة 2014 ستكون سنة لتوفير الحواسيب المحمولة لكافة السادة المستشارين وتوفير التكوين الملائم لهم قصد تعميم هذه التجربة الرائدة واستثمار نتائجها الكبيرة. وفي نفس المحور، تطرق إلى مشروع بوابة التقاضي الإلكتروني (عن بعد)، وقال في هذا الصدد، لقد عملنا طيلة سنة 2013 على تطوير آلياتها وميكانزمات إجرائها، حيث أعددنا من الناحية التقنية فضاءات خاصة بالمحامين والإدارات العمومية ومحاكم الموضوع والفاعلين الاقتصاديين، ستمكننا في القريب المنظور من مجموعة من الخدمات المتمثلة، في إرسال واستقبال الوثائق والمحررات الإدارية والقضائية، وتوفير لوحة قيادة تُحَيِن بشكل أوتوماتيكي، تضم بيانات الملفات التي تخص كل فئة، والحصول على نسخة رقمية من القرار، داعيا في الوقت نفسه، الجميع (القضاء، هيئات المحامين، المؤسسة التشريعية) لإيجاد أنجع السبل لتجاوز المشاكل القانونية التي لازالت تطرحها. مشروع ثالث يندرج ضمن نفس المحور، يتعلق بمشروع بنك المعطيات القانونية والقضائية، حيث أشار الأستاذ فارس في هذا الصدد، أنه تم إطلاق أكبر مشروع توثيقي بكل ما تحمل كلمة «توثيق»، لتحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في توحيد الاجتهاد القضائي وضمان التأويل السليم للقانون. أما المحاور الاستراتيجية الأخرى، فتتعلق أساسا بتفعيل الحق في الولوج للعدالة والحق في المعلومة (ميثاق المتقاضي)، والإنفتاح الوطني والدولي على الفاعلين في قطاع العدالة والمجتمع المدني،و الديبلوماسية القضائية، ثم تكريس آليات التواصل، حيث سيتم في هذا الصدد، وضع مجمل الترتيبات الفنية والتقنية والعلمية من أجل إطلاق تجربة رائدة، وهي القناة التلفزية الخاصة بمحكمة النقض عبر الأنترنيت TV-Cassation، التي سترى النور شهر مارس المقبل. كما تضمنت كلمة الرئيس الأول لمحكمة النقض، نماذج من قرارات وتوجهات محكمة النقض، حيث يمكن لكل متتبع، في نظره، أن يستشف بالملموس المقاربة الإصلاحية والقراءة المقاصدية والروح الدستورية، والمستهدفة بالأساس صون الحريات وضمان الحقوق وتحقيق الأمن القضائي. ومن جهته، قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، إن سنة 2013 شهدت اختتام ورش عظيم إنكب على إصلاح منظومة العدالة، أبلت فعالياته التشاركية البلاء الحسن في تدليل الصعاب ورفع القيود وإزاحة اللبس، فجعلوا في كل محطة مائدة للحوار، وفي كل اجتماع شورى، فجابوا ربوع المملكة في لقاءات عدة، كانت مناسبة ليستمعوا خلالها بالأذن الصاغية لاقتراحات الهيئات التمثيلية، وينظروا بعين الخبير لمكامن الخلل، ويرجحوا بيد العارف الأهم عن المهم، ليخلصوا إلى ميثاق شامل في منظوره، عميق في تصوره ومقترحه، نابع من توجيهات ملكية سديدة ومشحون بعزيمة وطنية صادقة، للتأسيس لمرحلة جديدة للمسار القضائي بهذا البلد العزيز. وأضاف الوكيل العام، أنه في زخم هذا الحراك المبارك، لم يتخلف القضاة بدورهم عن هذا الموعد، لمسايرة الركب ومصاحبة كل الفعاليات في هذا الإنجاز التاريخي، بتقديم مقترحات وازنة، ومداخلات مقتدرة، وآراء ذات بعد مستقبلي، واضعة عبر خطى واعدة، عصارة تجربتها وبصمات اشتغالها في طيات هذا الميثاق، الذي توج بتكريم مولوي سام وُشِّحت خلاله صدور أعضاء الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة من طرف جلالة الملك بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط كبير. وأكد الوكيل العام، أن المغرب يضع اليوم أرجله في حلبة السباق نحو إعداد النصوص القانونية لتنزيل مقتضيات الدستور، تعكس بحق رؤى توافقية وإرادة تشاركية، وإسهام ناجع وفاعل، قادر على مواجهة تطورات الألفية الثالثة التي من شأنها أن تؤثث لبنيان العدالة وتحصنها، وتعزز الضمانات الآن ولعقود مستقبلية، لترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية والأمن القضائي. كما قدم الوكيل العام لمحكمة النقض، مجموعة من الإحصائيات تتعلق بالقضايا المسجلة والمحكومة والرائجة من سنة 2009 إلى غاية سنة 2013 وعدد القضايا المحالة من غرف الإستئناف بالمحاكم الإبتدائية سنة 2013 والنسب المئوية للقرارات الموضوعية والشكلية الصادرة خلال سنة 2013 ، وإحصائيات أخرى تتعلق بمجموعة من القضايا الرائجة أمام محكمة النقض.