أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الحبيب شوباني، مساء يوم السبت الماضي بالدارالبيضاء، أن «المجتمع المدني اليوم تتمثل قيمته الأساسية في مدى تأثيره في صناعة القرار». وقال شوباني، خلال افتتاح أشغال الندوة الجهوية ال14 لجهة الدارالبيضاء الكبرى المنظمة في إطار اللقاءات الجهوية التي تنظمها اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، إن الدستور الجديد، بمقتضياته التي منحت جمعيات المجتمع المدني صلاحيات مهمة، جعل من هذه الجمعيات «لاعبا أساسيا في معادلة صناعة القرار». وأشار إلى أن «هذه الصناعة التي ظلت حكرا على النخب السياسية والاقتصادية جعلت من شرائح واسعة من المجتمع خارج دائرة اتخاذ القرار»، ومنها الفاعلون الجمعويون الذين يتعين العمل اليوم على رد الاعتبار إليهم من خلال اعتماد مقاربة تشاركية تدمجهم في دوائر تسطير السياسات العمومية وتنفيذها. وشدد الوزير بالمناسبة على أنه بالمقابل يجب على المجتمع المدني أن «يثبت جدارته في مربع السلطة»، وأن يسهم بقوة في بلورة وتنزيل مشاريع الإصلاح الكبرى التي تنخرط فيها المملكة، ومنها على الخصوص ورش الجهوية الموسعة وترسيخ مبدأ اللاتمركز في إدارة الشأن العام، مضيفا أنه مطالب بتقوية قدراته في مجال الحوار والتناظر والاقتراح حتى يتمكن من مواكبة باقي الفاعلين في صناعة القرار. وأكد في هذا السياق أن المغرب في حاجة إلى مجتمع مدني منظم ومتخصص وقادر على أداء الدور المنوط به، مستفيدا في ذلك من الخصائص التي تميزه عن باقي المنظمات والمؤسسات كالقرب والقوة الخدماتية والقدرة على احتضان الشرائح المتخلى عنها. وبخصوص الحوار الوطني حول المجتمع المدني، أبرز شوباني أن هذه المبادرة تكتسي أهميتها من كونها قناة لإجراء كتابة تفصيلية للمواد الدستورية المتعلقة بالمجتمع المدني تتيح تحديد خصائص الحياة الجمعوية وضوابطها وطرق التدبير انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية التي أكدت غير ما مرة على ضرورة تحمل المجتمع المدني لكامل مسؤوليته من أجل المشاركة في إدارة الشأن العام. وأضاف أن القيمة التاريخية والنوعية لهذا الحوار تكمن في كونه نهج خيار المواجهة المباشرة والتواصل عن قرب مع كافة الجمعيات وبكل الطرق المتاحة، بغرض التوصل إلى التزام مشترك من الدولة والجمعيات نابع من حوار تفاوضي وتشاركي يقوم على تكريس خيار المراجعات والنقاشات الهادئة، موضحا أن الغاية الأساسية لهذا الحوار تكمن في الخروج باقتراحات تدقيقية تجمل في مدونة تفصيلية شاملة تنظم الحياة الجمعوية وتجعل المال العام في خدمة المجتمع بعيدا عن الاختلالات التي شابت العلاقة القائمة بين الجمعيات والسلطات المنتخبة والعمومية خاصة على مستوى التمويل. من جانبه، أوضح نائب رئيس اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني عبد العالي مستور أن تنظيم ندوات جهوية للحوار حول المجتمع المدني يتوخى ضمان أوسع مشاركة للجمعيات والمنظمات غير الحكومية في صياغة الأرضيات التي ستكون بمثابة مادة غنية لاستخلاص القواعد القانونية المتعلقة بأدوار المجتمع المدني في صياغة وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية وتقديم صياغة مشتركة لقواعد حكامة تدبير الشأن الجمعوي وصياغة ميثاق شرف وطني للديمقراطية التشاركية. وأشار إلى أن اللجنة الوطنية ينحصر دورها في هذه الندوات في إدارة الحوار وتجميع المقترحات حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة لتخلص إلى اعتماد وثيقة نهائية كمخرجات للحوار، معتمدة في ذلك على آليات التواصل المباشر وتجميع المذكرات والمقترحات وتدقيقها علميا ومعرفيا وعقد جلسات إنصات مركزية، فضلا عن التفاعل مع التجارب الدولية وتنظيم ندوات جهوية ووطنية مفتوحة أمام كل المعنيين بهذا الحوار. وتضمن برنامج الندوة، التي اختتمت أشغالها أول أمس الأحد بصياغة تقرير عام عن مجمل أشغال الندوة، وتقديم عرضين حول «الحوار الوطني وأهداف اللقاء الجهوي»، و»المرتكزات الدستورية الديمقراطية التشاركية وأدوار المجتمع المدني والحياة الجمعوية»، إلى جانب تنظيم ورشات موضوعاتية حول الديمقراطية التشاركية والقواعد الدستورية للحياة الجمعوية وأدوار المجتمع المدني في السياسات العمومية. يذكر أن اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني، التي أعلن عن إحداثها في مارس 2013، هي آلية حكومية لإدارة حوار وطني شامل بمشاركة هيئات ومنظمات المجتمع المدني حول الأدوار الدستورية الجديدة لهذه الهيئات والتأسيس لشراكة مؤسساتية بين الطرفين وفق رؤية مسؤولة تسعى إلى تقوية أدوار المجتمع المدني وتبويئه المكانة التي يستحقها كفاعل أساسي في البناء الديمقراطي والتنموي.