المسابقة الرسمية للدورة الثالثة عشر تكرس عرض أفلام قوية تشد الانتباه وتثير الإعجاب مهرجان مراكش الدولي للفيلم، مؤتمر القمة السينمائي، الحدث الفني الاستثنائي، التظاهرة الفنية الكبرى في أبعادها الإنسانية والثقافية..السفير الذي يليق لتمثيل المغرب وثقافته... والتعريف بقيمه وأعرافه وتقاليده المنفتحة والودية على أوسع صعيد...لا يمنع كوننا بلدا مازال فيه الفن السابع يخط أولى تجاربه ويخلق التراكم من أجل الوصول إلى التعبير عن دواتنا خارج حدود بلادنا...لكن هذا لا يجب أن يمنع من استدعاء أنصاف آلهة السينما إلينا لكسب صداقتهم مع الاستفادة المتولدة عن الاحتكاك المباشر بهم وهذا دور لعبه المهرجان... أبرز الممثلين والمخرجين وكتاب السيناريو المغاربة وإلى جانبهم النجوم العالميون يشاهدون أعمالهم يناقشوها ويستفيدون منها والنقاد المغاربة وفي مقابلهم المنظرون في السينما وفي الحياة من أمثال ادغار موران الذي يعود هذه الدورة وريجيس دوبري الذي سنلتقي معه وفق برنامج المهرجان. إذا كنت تحب الحياة اذهب إلى السينما... شخصيا كنت أحب في المهرجان فقرة (COUP DE CŒUR) وهي الفقرة المهداة إلى عشاق السينما عبر توثيقها لأبرز التجارب السينمائية العالمية، فإن فقرة مسابقة طلبة المدارس صارت تحظى الآن بالأولوية، مسابقة تجرى بين الطلبة خرجي معاهد ومدارس السينما الوطنية يثبت خلالها البعض تفوقهم ويحصلون على الاعتراف وعلى جائزة مالية جد مهمة لانجاز أعمال أخرى يقدمها لهم سمو الأمير رئيس المهرجان شخصيا، إضافة إلى استفادة هؤلاء الطلبة من دروس في السينما يقدمها لهم مخرجون عالميون كبار تحت عنوان « الماستر كلاس». الكل على اعتقاد أن مسابقة طلبة المدارس سوف تمنح لمغرب المستقبل مخرجين كبارا ...لأنهم يشكلون في المهرجان فقرة الأمل في المستقل. وبما أن لكل مهرجان من المهرجانات العالمية ميزته، فإن لمراكش ميزته الأساسية، حسب رأيي انه مهرجان لجن التحكيم.... اللجن التي تتميز بجدية أحكامها ومصداقيتها وذلك لسبب بسيط أن هذه اللجن كانت تتكون دائما ومثل هذه السنة من مثقفين ومهنيين مشهود لهم، ويترأسها كبار المخرجين في العالم من أمثال جان جاك أنو، وإمير كوستوريتشا، وعباس كياروستامي، وميلوش فورمان، وبولنسكي، ومالكوفيتش ومارتن سكورسيزي وغيرهم من الأعلام السينمائيين، وهي لجان كانت تمتاز بالنزاهة والتجرد مازلت اذكر في إحدى دورات المهرجان اعتقد الدورة الخامسة قررت اللجنة منح النجمة الكبرى لفيلم من دولة قرغيزستان أمام انتاجات كبيرة لدول لها باع طويل في السينما لكنه عن حق كان فيلما جميلا تراوح بين المأساة والضحك الشديد وكان تحت عنوان سارتان. حياة الدورة الثالثة عشر تواصل الدورة الثالثة عشر لمهرجان مراكش الدولي للفيلم، فعالياتها احتفاء بالتنوع وبفن وصناعة السينما وتكريم المبدعين فيهما وقد تميز يوم الأحد الماضي بتكريم المخرج الياباني كوري إيدا هيركازو الذي عبر في كلمة ألقاها بالمناسبة، عن سعادته كعاشق للسينما للقدوم إلى مراكش ولقاء جميع محبيه، والانتشاء بالاعتراف بفنه في المغرب البعيد عن بلده اليابان . وأضاف أنه يتسلم الدرع التكريمي عن أفلام جيدة لم ينجزها بعد، وأنه بعد زهاء عشرين عاما من العمل السينمائي، مازال يعتبر نفسه «مخرجا قليل الخبرة»، لكنه يعد جمهوره بأن يخرج مستقبلا أفلاما رائعة تحظى بإعجابه. وقالت الممثلة شارلوت رامبلين رئيسة الدورة الأولى التي سلمته درع التكريم «إن هيروكازو فنان موهوب ومتواضع ، يستقي مواضيع أفلامه التي طرقت أبواب العالمية من صميم الحياة ، موضحة أنها «مواضيع شخصية ومؤلمة ولكنها إنسانية». وأضافت رامبلين أن أسلوب هيروكازو السينمائي واقعي يمزج بين الحقيقة والخيال، ويجمع بين الشعر والضوء، ويعطي الأمل، ويؤمن أن الحقيقة التي يدعو لها توجد في التفاصيل. بينما عبر المخرج الياباني وفي تواضع حكيم عن تجربته قائلا أنه قضى عشرين سنة ينجز أفلاما حول الحياة والكائن البشري دون أن يتمكن لحد الآن من فهم أي منهما. وتجدر الاشارة إلى أن أول الأفلام الروائية الطويلة (مابوروزي) لهيروكازو، المزداد عام 1962 في طوكيو، حاز جائزة أوسيلا الذهبية في مهرجان البندقية السينمائي، كما حاز فيلمه الموالي (الحياة الآخرة) بالجائزة الكبرى لمهرجان القارات الثلاث بفرنسا. بعد ذلك تمتع الحضور بمشاهدة فيلم (الإبن سر أبيه) لهيروكازو بعد عرض لقطات من أهم أفلام هدا المخرج الياباني. المسابقة الرسمية المسيرة .... فلاش باك نبيل بن يادير ويعيش المهرجان من جهة أخرى على إيقاع المسابقة الرسمية، وإلى حدود يوم الأحد الأخير تم عرض أربع تجارب سينمائية، من بينها فيلم «المسيرة» للمخرج البلجيكي المغربي الأصل، نبيل بن يادير، الذي قدم الى مراكش وفي نيته المنافسة بقوة على جائزة المهرجان، ويحاول المخرج في فيلمه مقاربة لمسيرة مكافحة العنصرية بفرنسا التي قادها المغاربيون سنة 1982 والتي انطلقت في الضواحي الفرنسية التي تعيش واقع التهميش والإقصاء، يقودها شباب مغاربيين وفرنسيين، في اتجاه تحريك ملف مناهضة العنصرية ووقف نزيف الضحايا الذين سقطوا بأيدي الكراهية العمياء. مسيرة مضنية ومطبات وتحديات بالجملة تواجه هذا الحركة السلمية التي تجوب عبر 1000 كيلومتر، بلدات ومدنا فرنسية، وصولا إلى التاريخ الحاسم: 3 دجنبر بالعاصمة باريس، حيث تحصد المجموعة ثمرة مجهودها وهي تعانق حشودا بعشرات الآلاف، يرفعون شعارات من أجل «فرنسا المساواة». وحضر العرض طاقم الفيلم الذي ضم بالخصوص النجم الكوميدي جمال الدبوز في تجربة جديدة له، زاوجت الحس الفكاهي مع العمق الدرامي لموضوع بالغ الحساسية. الممثل جمال الدبوز الذي أضفى مسحة هزلية على قصة الفيلم، وهو يلعب دور المشرد المدمن، ذي السوابق السجنية الذي ينضم لاحقا إلى مجموعة السائرين ضد العنصرية، ويفتح عينيه على إمكانية حياة أخرى، أكثر جدية وانسانية. كتب سيناريو الفيلم نبيل بن يادير ونادية لخضر، وشخص أدواره الرئيسية أوليفيي كورمي (دوبوا)، توفيق جلاب (محمد)، فانسون روتيي ( سيلفان)، مبارك بلكوك (فريد)، نادر بوصندال (يزيد)، لبنى أزابال (خيرة)، حفصية حرزي (مونيا) وشارلوت لوبون (كلير). فيلم ميداس منافس قوي صباح نفس اليوم شاهدنا تجربة إبداعية من خلال فيلم «ميدياس»، وكان بمثابة بورتريه لحياة أسرة بسيطة بالريف الأمريكي ورصد لعلاقة أفرادها في ما بينهم، ومدى تفاعلهم مع فضاء وطبيعة قاسية متغيرة. والفيلم هو للمخرج أوندريا بالاورو، المزداد سنة 1982 بمدينة طرينتي (إيطاليا)، حصل على شهادة الماجستير في الإخراج السينمائي من معهد كاليفورنيا للفنون. وعرض فيلمه القصير وونديركامير سنة (2008) في أزيد من خمسين مهرجانا دوليا، منها مهرجان صندانس السينمائي لسنة 2009، حيث نال ست جوائز دولية . ويحكي قصة «إينيس»، الذي يعمل في مزرعة للألبان ويسعى إلى الحفاظ على أسرته ونفوذه داخلها وتجاوز المشاكل المالية التي يعاني منها، وزوجته «كريستينا» التي تغيرت طباعها وأصبحت تنغلق تدريجيا على نفسها وتبتعد عنه وعن أطفالهما الخمسة. تتوالى أحداث هذا الفيلم وهو إنتاج أمريكي إيطالي ومكسيكي مشترك، ومعه تتسلل تباعا المشاكل إلى داخل هذه الأسرة وترتفع بها درجة التوتر ليضطر بعدها كل فرد من أفرادها إلى مواجهة طموحاته ومخاوفه بمفرده. هذا الشريط عبارة عن سفر في حدود غير متوقعة للسلوك البشري، يرصد تشابك العلاقات الإنسانية التي تتنازعها الأهواء المختلفة، مستعرضا قيم الحب والعائلة وقساوة الحياة بالريف الأمريكي، ومن خلالها وبها معاناة الزوجة (كريستينا) التي يساورها أحيانا شعور قوي بالوحدة والعزلة، ومستحضرا أثناء ذلك سلسلة من المشاعر التي تتحكم فيها مجموعة من الظروف في إطار ثنائية القمع والحرمان. وباعتماد الحوارات القصيرة وزوايا غير تقليدية للتصوير انتقالا من اللقطات القريبة جدا إلى تلك التي تكتسح الفضاء ككل، استطاع المخرج أوندريا بالاورو تكسير الرتابة التي يمكن أن تتسلل إلى الجمهور، وتمكن أيضا من اختراق أحاسيس الشخصيات، ناسجا بذلك سينما من نوع خاص، تتقن بمهارة وحرفية فائقتين الإمساك بجميع خيوط اللعبة الفنية. وعلى هذا النحو، يكون فيلم «ميدياس»، الذي قام فيه بأدوار البطولة كل من كتالينا ساندينو مورينو (كريستينا) وبريان ف. أوبيرن (إينيس) وكيفين أليخاندرو (نووا) وماري موزير (روت)، محاولة جريئة لتقديم عمل يخاصم المألوف ويتطرق بأسلوب متميز لمجموعة من المشاكل الاجتماعية والنفسية ضمن قالب فني متميز . تحيا الحرية.. سينما العمق الفكري والسياسي عرض أيضا في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان فيلم «تحيا الحرية» ويمثل «تحيا الحرية» نموذجا لشريحة مهمة من السينما الإيطالية ذات العمق الفكري والسياسي. ويوجه المخرج نقدا قاسيا للأحزاب الايطالية التي تهدف إلى الحصول على المناصب دون أن تهتم بواقع المواطنين. وهو ما عبر عنه أحد أبطال الفيلم بقوله «إن السينما والسياسة شبيهتان، يشتركان في الخداع والعبقرية». ويتناول الفيلم الايطالي قصة إنريكو أوليفيري، الأمين العام للحزب المعارض، الذي يواجه استطلاعات رأي متشائمة بخصوص حظوظ حزبه في الانتخابات المقبلة، مما يدفعه الى ترك البلاد متخفيا في بلدة صغيرة بفرنسا. وتتفتق فكرة شيطانية لدى المقربين في الحزب من أوليفيري بتواطؤ مع زوجته، فيقنعون شقيقه التوأم الذي انقطع منذ 25 سنة للدراسة الفلسفية بلعب دور السياسي المختفي. ويحاول الفيلسوف في دور السياسي إعطاء وجه جديد للسياسة من خلال التحدث بالحقيقة وزرع الأمل لدى المواطنين. وعلى الجانب الآخر، يكتشف السياسي الراغماتي بساطة الحياة وشغفها في المدينة الفرنسية. وتشمل قائمة أفلام المسابقة الرسمية أفلام «مرة أخرى» من اليابان و»باد هير» من فنزويلا و»بلو روين» من الولاياتالمتحدة و»هانغ جونغ جو» من كوريا الجنوبية و»هوتيل» من السويد و»الآن، هذه حياتي» من بريطانيا و»إيدا» من بولندا و»المسيرة» (لامارش) من فرنسا و»ميدياس» من الولاياتالمتحدة وايطاليا والمكسيك و»ذي غامبلر» من ليتوانيا وليتونيا و»المسبح» من كوبا وفينزويلا و»ذو ويشفول ثينكرز» من اسبانيا و»عاشت الحرية» من إيطاليا.