أعلنت وزارة الصحة ومؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان ومجموعة من هيئات المجتمع المدني ممثلة في الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة عن تعبئتها الحثيثة لمكافحة التدخين بالمغرب عبر إطلاق نداء في اتجاه تسريع مسلسل مصادقة المغرب على الاتفاقية الإطار لمكافحة التبغ والتي صادق عليها إلى حدود اليوم 177 بلدا. وزارة الصحة ومؤسسة للاسلمى كشفتا في هذا الصدد عن تنظيم مناظرة وطنية مساء اليوم الأربعاء بالرباط يشارك فيها مجموع الفاعلين والمعنيين بالموضوع تخصص لإطلاق حملة تحسيسية جديدة بشأن الأخطار الصحية الناجمة عن التدخين والدفع في اتجاه تعبئة وطنية لتسريع المصادقة على الاتفاقية الدولية لمكافحة التبغ، خاصة والمغرب يعد أحد أكبر مستهلكي الدخان بالمنطقة المتوسطية، حيث تستهلك به ما يزيد عن 15 مليار سيجارة في السنة، كما يقدر انتشار التدخين بنسبة 18 % لدى المغاربة البالغين 15 سنة فما فوق، وبنسبة تقدر ب 41% لدى الساكنة التي تتعرض للتدخين السلبي، وهو ما يؤدي إلى أمراض مختلفة منها على الخصوص سرطان الرئة بنسبة 31.5% من الرجال و3.3% من النساء، بالنسبة للمدخنين. هذا فضلا عن أن التدخين يعد سببا رئيسيا للتعاطي للمخدرات بشتى أنواعها بما فيها استهلاك حبوب الهلوسة (336 ألف وحدة تم ترويجها هذه السنة)، بالإضافة إلى أن عشرات الآلاف من علب السجائر المهربة التي تدخل المغرب من الحدود الجزائرية والموريتانية وتحمل سموم مضاعفة وخطيرة على صحة المواطنين والمواطنات، غالبا ما تؤدي إلى أمراض القلب والشرايين كالقصور التاجي، من ضمنها «الجلطات القلبية» بنسبة 25%، حسب معطيات بعض الدراسات الوطنية، علما أن الفاتورة الصحية جراء الأمراض التي يسببها التدخين بالمغرب تصل إلى ملايين الدراهم سنويا. واختارت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة من جانبها، أن تبعث برسالة إلى الحكومة في ختام ندوة نظمتها يومي السبت والأحد الماضيين بالرباط، مفادها ضرورة الإسراع بالتصديق على الاتفاقية السابق ذكرها المتعلقة بمحاربة ومكافحة التدخين والتبغ وتفعيل أجرأتها. هذا وإذا كانت وزارة الصحة قد أكدت في نص إعلانها أن الاتفاقية الإطار لمكافحة التدخين تتوخى حماية صحة الأجيال الحالية والمستقبلية من هذه الآفة، وذلك من خلال توفير إطار قانوني للتقليص من انتشار مخاطره وهي بذلك ترد على الانتقادات التي توجه إلى الحكومة بِشأن عدم اتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بمكافحة التدخين، فإن شبكة الدفاع عن الصحة، تعتبر أن المغرب يتوفر على قانون يستهدف منع الإشهار والدعاية للتبغ وكذا منع التدخين في الأماكن العمومية منذ أبريل سنة 1991، والذي يحمل رقم 15 91، الصادر بالجريدة الرسمية في شهر غشت من سنة 1995، حيث دخل حيز التنفيذ بتاريخ 3 فبراير 1996 ليطاله التعديل في شهر يوليوز 2008، إلا أن هذا القانون على مستوى الواقع ظل دون تنفيذ إلى حدود يومه. واعتبرت الشبكة التي توجه سهام النقد بشكل واضح للحكومة التي تتهمها بعدم تفعيل أية إجراءات لمكافحة آفة التدخين في منحى متواطئ مع لوبيات المصالح التي تستفيد من بيع التبغ،,إذ اعتبرت الشبكة أن الأمر يعود بشكل أساسي لغياب الإرادة السياسية الفعلية لدى المسؤولين الحكوميين وخضوعهم لضغط اللوبي المصالحي المستفيد من الوضع والذي يجتهد في الحيلولة دون تفعيل هذا القانون، وفي عرقلة وتعطيل قرار مصادقة المغرب حتى على هذه الاتفاقية الأممية وجعلها سجينة رفوف الأمانة العامة للحكومة من جهة ثانية. واستغربت الشبكة من المبررات التي تسوقها الجهات المعرقلة لمصادقة المغرب على الاتفاقية، والتي مفادها أن القرار ستكون له آثار وخيمة على الاقتصاد الوطني كما هو الشأن بالنسبة لما يقع اليوم في مواجهة تخفيض أسعار الدواء والاستثمار الإيجابي في قطاع الصحة، مستغربة من الخروقات التي تطال تطبيق قانون منع التدخين حتى من قبل بعض الوزراء في الحكومة ومسؤولين بالإدارات العمومية الذين يدخنون أمام الرأي العام وفي الإدارات والأماكن العمومية وفي المؤسسات التعليمية والمستشفيات. كما استغربت الشبكة، في ذات السياق مصادقة الحكومة بتاريخ 17 يناير 2013، على مرسوم يقضي بتغيير وتتميم المرسوم بتطبيق القانون المتعلق بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع، في حين أنها لم تتحرك لبرمجة المصادقة على الاتفاقية الأممية، معتبرة أن الهاجس والهم الأساسي والأولوية التي تحيط بالحكومة يقف عند تحرير قطاع التبغ بعد خوصصته وفي ما ستجنيه من أرباح هامة عبر الضرائب والرسوم من استهلاك السجائر رغم أن الأمر يمس صحة المواطنين والمجتمع والبيئة.