دخلت أزمة الحزب الحاكم في الجزائر نقطة اللاعودة، عشية اجتماع اللجنة المركزية للحزب في منتصف الشهر الجاري، بغية انتخاب المكتب السياسي. وهو الموعد الذي سيدق إسفينا آخر في نعش جبهة التحرير الوطني، في ظل صراع شرس بين الموالين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذين يتزعمهم عمار سعداني، وبين المناوئين جهارا لسعداني وسرا لبوتفليقة. وفيما تخوض الموالاة سباقا ضد الساعة من أجل ترشيح بوتفليقة لولاية رابعة رغم وضعه الصحي السيّء، يعكف المناوئون على تلغيم طريق سعداني بكل المتفجرات السياسية. وتفاجأ الحاضرون في فعاليات تنصيب لجنة دعم ترشيح رئيس الحكومة والأمين العام الأسبق لجبهة التحرير، ومنافس بوتفليقة في انتخابات 2004، علي بن فليس، بحجم ونوعية الحضور في عملية تنصيب لجنة محافظة البويرة نهاية هذا الأسبوع. وقال أحدهم: «اليوم رأيت جبهة التحرير الوطني تحتضن بن فليس من جديد»، في إشارة إلى انحدار مؤيدي بن فليس في الولاية المذكورة من صفوف الحزب الحاكم. وذكر شهود عيان أن مناضلين بارزين وقياديين سابقين، وبرلمانيين، ومسؤولين في الحزب أعلنوا شق عصا الطاعة عن قيادة سعداني، وانحازوا علانية لصالح ترشيح بن فليس للانتخابات الرئاسية القادمة. وأسرت مصادر مطلعة بأن القيادة الحالية للحزب الحاكم، ستصاب بصدمة حقيقية، حين تطّلع عن كثب على حجم الشرخ الذي يضرب الحزب من الداخل. وأكدت المصادر أن هناك شخصيات في الصفوف الأولى للحزب وأعضاء من اللجنة المركزية يوالون بن فليس سرا، ويواصلون معارضتهم لتيار سعداني، على غرار عبد الكريم عبادة، وعبد الرحمن بلعياط، وقاسة عيسى الذين انتقدوا مسارعة سعداني إلى ترشيح بوتفليقة دون العودة إلى اللجنة المركزية. وأوضح قاسة أنه «من غير المعقول أن نطالب شخصا بالترشح ونحن لا نعرف إنْ كان يريد الترشح، كما لا نعرف إنْ كان قادرا على الترشح»، في إشارة إلى غياب بوتفليقة عن الساحة السياسية منذ ستة أشهر إثر إصابته بجلطة دماغية. وأكد قاسة أن العبارة التي يرددها الجميع بأن «بوتفليقة أكبر من الأحزاب صحيحة، لكن الصحيح أيضا أن بوتفليقة لا يمكن أن يكون أكبر من الجزائر، والجزائر لا تعاني العقم». وتابع: «بوتفليقة يعرف قدره ويعرف قدراته» وعندما يصرح بأنه مرشح للانتخابات «سنعلن قرارنا بعد نقاش في اللجنة المركزية». إلى ذلك سارع عمار سعداني إلى جمع أمناء محافظات الحزب من أجل افتكاك تأييدهم لترشيح بوتفليقة، وممارسة ضغط مسبق على أعضاء اللجنة المركزية قبل لقائهم منتصف الشهر الجاري. وكان القياديان المعارضان، عبادة وبلعياط، قد صرحا مؤخرا بأن الحزب لديه مؤسسات ولا يمكنه أن يرتجل في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، وأن الرئيس الشرفي للحزب، في إشارة إلى بوتفليقة، ليست لديه صلاحيات، ولا يمكنه أن يعين من يشاء، في تلميح إلى سعداني، بدعوى أنه عضو مناضل في الحزب والقدسية لله، «لأن هناك من يريدون أن يجعلوه إلها»، متسائلا عمن قال بأن اللجنة المركزية مع العهدة الرابعة.