شاعر ثقيل الظلّ والجيب ليت هذا الشاعر الذي يلاحقهُ صبيةُ الشعر ويرفعونه إلى منابر تجاور الأنجم يُلبسونه عباءةَ المهابة يُتوّجونه بباروكة شكسبير يشدّون عنقه بربطةِ «إليوت» يكسون جسده بطيلسان أبي محسّد ليت هذا المكثر بدواوينهِ المسرفُ أموالَه بين جيوب الناشرين وصائدي الكلمات الرثّة ليته يطبع في ذاكرتنا بيتا جميلا واحدا نتداول التطلّع إليه كطفلٍ وليد ونهزّهُ كالمهدِ بين أيدينا بدلاً من أن نتعثر في ركام كتبهِ ويضيق خناقنا من نفثاتهِ النتنة قبلةٌ ليست من وراء زجاج منذ أن غازلتني عابرةُ السبيل ذات أصبوحةٍ ربيعيةٍ مشرقة وطبعت قُبلتَها على شفتيَّ وأذاقتني رِضابها ورشَفتْ بقايا الفتوّة النائمة فيَّ أحدثتْ وشْما في ذاكرتي وشَرَخاً لايصلحهُ حتى الجنون قوةٌ ناعمة قال لي الطوباويّ المُصْلح: بدلا من أن تزرعَ حقل ألغامٍ أمام عدوِّك جرّبْ مرةً أن تزرع حقلَ أنغام لتغرقَه بغنائِك ويأتيك جذِلا فتأسره زيارة غير مرتقبة لم أنم ليلتي هانئا منذ أنْ جاءني كاسرٌ باشقٌ في المساء واضعا مخلباً بين حرفي وبين دَواتي شاتما قلمي، طاردا مفرداتي واهما أنني خصمُه، سارقا عرشَهُ عشَّهُ في العلاء لم أنم هانئا حينما صاح في أُذني: كن شجاعا لاتخفْ صولتي ولْتعدْ بطلاً هائجاً تعالَ وسُلَّ يراعَك في خافقي غير أني نحوت قليلا وابتهلت إلى الله حتى استرحت بعدتُ عن الضيفِ حتى انكفأتُ بركنٍ خفِيّْ دعوت الإله، رجوتُ المليك العظيم يعيدُ إلينا صقورَ قريش ونسرَ تهامةَ كي يطردوا زائري يوغلوا السّم في قلبهِ عنوةً ويموت درسٌ قاسٍ علّمتني أيها الداء أن أداوي جراحي بيدي أطبّبُ مانزفَ منها من فضلات ثيابي أغمسُ خرقة الضمادِ في محلول طُهْري وأقوم متشبثاً بوتَدِ خيمتي أصمُّ أذُني عن استغاثات الوجع مهما علا صوتُها واشتدّ صراخُها أوقدتَ ذاكرتي أيها الداء لازمْتني في حِلّي وترحالي يوم غادرني نسلي وصحبي حين بعثتُ إليهم ليصلوني بقيتَ أنت وحدك ظِلّي اللصيق.