مع استمرار أعمال العنف الموجه ضد قوى الأمن والجيش المصري، تتواتر الأنباء حول استعدادات حثيثة لجماعة الإخوان المسلمين لمنع محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي في الرابع من نونبر المقبل. فقد قُتل جندي مصري وأُصيب سبعة، أمس، في انفجار عبوة ناسفة استهدفت حافلة كانت تقلهم بمنطقة رفح الحدودية. ويأتي ذلك في ظل دعوات لجماعة الإخوان بحشد أنصارهم أيام محاكمة مرسي. وذكر مصدر أمني أن عبوة ناسفة انفجرت لدى مرور حافلة تقل مجموعة من الجنود ترافقها آلية مدرعة بمنطقة رفح (أقصى شمال شرق صحراء سيناء على الحدود مع قطاع غزة)، ما أسفر عن مقتل جندي وإصابة أربعة. وأضاف المصدر أنه تم نقل القتيل والمصابين إلى المستشفى، فيما انتشرت مجموعات من قوات الجيش والأمن مدعومة بالآليات على مداخل رفح. ويذكر أن مقار أمنية في مناطق عدة بشمال صحراء سيناء إلى جانب التخوم الصحراوية لمنطقة قناة السويس تتعرض، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، لهجمات مسلحة من جانب عناصر متشددة، تقوم قوات الأمن بتعقبهم . وتشهد مصر، منذ عزل الرئيس مرسي في 30 يونيو، اتساعا في رقعة العنف الموجه ضد الأمن والجيش المصري إضافة إلى الأقليات (الأقباط)، وتتهم جهات أمنية جماعة الإخوان المسلمين بالتواطؤ والتنسيق مع الجماعات المتشددة للنيل من أمن واستقرار البلاد. ذلك أنه إلى جانب التحركات الاحتجاجية اليومية التي دأب على القيام بها أنصار الجماعة في مسعى منهم لإنهاك قوى الأمن والجيش مع محاولة البروز كقوة في الشارع، يبدو أن قيادات الجماعة قد قررت الذهاب بعيدا باتخاذها من العنف مسلكا ضد مؤسسات الدولة باعتباره يشكل ركيزة أساسية في أدبيات الجماعة. وفي هذا الإطار قالت مصادر أمنية إن اجتماعات جرت في الفترة الأخيرة على مستوى المحافظات المصرية وحضرتها شخصيات إخوانية مطلوبة لقوات الأمن، تركزت على كيفية التحرك الميداني ضد قوات الجيش والشرطة والمقار التابعة لها واستهداف المؤسسات العامة (المترو، المدارس والجامعات، ودور العبادة) في محاولة لإرباك الوضع العام خاصة مع اقتراب محاكمة الرئيس المعزول مرسي. وفي هذا السياق ذكرت مصادر مطلعة أن جماعة الإخوان المسلمين تقوم باستعدادات حثيثة لتعطيل محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وذلك يوم الرابع من نونبر المقبل، حيث أكدت أن الجماعة تحاول تعطيل المحاكمة التي لم يتحدد بعد مكان إقامتها. وأشارت المصادر إلى أن الجماعة ستحاول إنهاك قوات الأمن قبل موعد إجراء المحاكمة، من خلال الدعوات إلى مظاهرات في عدة ميادين، كما ستسعى إلى اقتحام الميادين الرئيسية بالقاهرة والجيزة إلى جانب التحركات الطلابية التي يشهدها عدد من الجامعات المصرية. وذكرت المصادر أن الجماعة تجهز لمظاهرات في عدد من الميادين في الأول شهر نوفمبر القادم من أجل إبعاد الأمن عن مكان المحاكمة، إلى جانب مسيرات حاشدة طوال أسبوع المحاكمة من أجل جذب الأمن إلى أماكن التظاهر، في مسعى منها لمنع دخول مرسي إلى قاعة المحاكمة. وفي هذا الصدد أكد حسين عبد الرحمن المتحدث باسم حركة إخوان بلا عنف إن الجماعة ستسعى إلى تشتيت الأمن قبل محاكمة محمد مرسي، من خلال الدعوة إلى مليونيات وهمية قبل أيام من المحاكمة. وقال فى تصريحات خاصة ل»اليوم السابع» إن الجماعة ستدعو إلى مليونيات وهمية خلال الأيام القليلة التي ستسبق محاكمة مرسي في محاولة لتشتيت الأمن في الشوارع. وأوضح أن الجماعة ستدعو إلى اقتحام محطات الكهرباء والمترو والمياه إلى جانب دعوات إلى التظاهر في رابعة والنهضة وسفنكس وروكسي من أجل تشتيت الأمن في الميادين. وأكد أن الجماعة أرسلت تعليمات إلى أنصارها في كل من القاهرة والجيزة والقليوبية والدقهلية والمنوفية وبني سويف بإمكانية الاعتصام في يوم محاكمة مرسي أمام سجن طرة ومعهد أمناء الشرطة الذي يوجد خلف السجن. وتثير محاكمة الرئيس المعزول خشية المصريين من انفجار الوضع الأمني مع تواتر التهديدات الإخوانية بالقيام بأعمال عنف تعيق سير المحاكمة، وهو ما يمثل تحديا للقوى الأمنية ومدى جاهزيتها للتصدي لها. وفي هذا السياق قال وحيد عبد المجيد، القيادي بجبهة الإنقاذ، إن نجاح محاكمة الرئيس المعزول وخروجها بشكل صحيح وعادل يتوقف على المكان التي سوف تعقد به المحاكمة. *** تطلعات المصريين بين أيدي «لجنة الخمسين» يزاحم الحديث عن الفريق السيسي وترشحه للرئاسة في مصر، حديث من نوع آخر، يسلط الضوء على «لجنة الخمسين» وما تقوم به من تعديلات دستورية وكتابة دستور جديد، لما لها من أثر بالغ على مستقبل الحياة السياسية المصرية، وعلى تشكيل وجه المجتمع في مصر لعقود قادمة. في معرض حديثه لوسائل الاعلام علّق محمد سلماوي، المتحدث الرسمي باسم «لجنة الخمسين» لتعديل الدستور المصري، على تصريحات الإخوان المسلمين، التي صدرت الأسبوع الماضي، بأن اللجنة تكتب دستورا «لا يوجد في مواده أي وجود للدين الإسلامي» معتبرا إياها «محاولات يائسة وبائسة لضرب الدستور قبل ولادته، رغم مشاركة الأزهر الشريف وحزب النور السلفي وعدد من المفكرين الإسلاميين في اللجنة». وكشف سلماوي النقاب عن أن الإخوان المسلمين اخترقوا لجنة الخمسين من خلال أعضاء يحملون توجهات إخوانية، وينتمون إلى اللجنة كممثلين عن بعض النقابات التي يسيطر عليها التنظيم، لكنه رفض تحديد هذه الشخصيات أو ذكر أسماء. هذا الدستور تم تعليق العمل به بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. بعدها انتقل سلماوي للحديث عن الخلاف الحالي بين لجنة الخمسين والقوات المسلحة، ورغبة ممثليها في أن يصدر قرار رئيس الجمهورية بتعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولمدة عشر سنوات من تاريخ إقرار الدستور الجديد، وإصرار اللجنة على أن لا تزيد هذه الفترة الانتقالية عن دورتين رئاسيتين (أي 8 سنوات) فقط، وأوضح أنه «لا تستطيع أية مفاوضات أن تحسم الجدل أو الخلاف خلال جلسة واحدة أو أكثر من جلسة، ولكن يتطلب التوافق حول هذه المواد ذات القدر من الحساسية عدة جلسات متتابعة، خاصة وأن القوات المسلحة هي من طلبت أن يكون تصديق المجلس الأعلى أولا شرطا لاختيار وزير الدفاع محدد المدة، وليست لجنة الخمسين هي من طلبت ذلك». وفيما يتعلق بالجدل المتصاعد حول إجراءات محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري أشار إلى أن المادة السادسة من قانون القضاء العسكري المصري، التي كانت تنص على الحق في تحويل أية قضية إلى القضاء العسكري تم إلغاؤها «بطلب من القوات المسلحة، وهي ما تعد بادرة من قبلها للتوصل إلى اتفاق حول هذه المسألة. فعلى سبيل المثال تمت إحالة جميع المتهمين في قضية التعدي على دار الحرس الجمهوري إلى النيابة العامة المدنية بطلب من وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، رغم أن القضية ترتبط ارتباطا كبيرا بمنشأة عسكرية، على عكس كل ما ادعى به الإخوان». الجدل في مصر لم يتوقف فقط على المواد المتعلقة بالقوات المسلحة، التي تسيطر على مقاليد الأمور في البلاد الآن، ولكنه امتد كذلك ليشمل طبيعة عمل «لجنة الخمسين» نفسها، والمدى الذي ستذهب إليه في تعديل مواد دستور 2012، الملقب ب «دستور الإخوان». وأثارت قضية كتابة دستور جديد، التي طرحها بعض الأعضاء البارزين داخل اللجنة وقوى سياسية أخرى، أو تعديل بعض مواد الدستور القديم الذي ينص عليه الإعلان الدستوري الصادر عن رئيس الجمهورية المؤقت، جدلا كبيرة في الشارع السياسي المصري. وقال سلماوي تعليقا على هذا الجدل إن «قضية كتابة دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي هي قضية مفتعلة، فلجنة الخمسين تهدف إلى كتابة دستور يتناسب مع المستقبل، فإذا تطلب هذا أن تتدخل اللجنة في جميع المواد المطروحة عليها بالتعديل أو الإلغاء، فلن نتردد في القيام بذلك». وأشار «نحن لا نتعامل مع مواد دستور 2012 الذي وضعه الإخوان المسلمون، وإنما نبحث الوثيقة المقدمة من قبل (لجنة العشرة) المكونة من عشرة خبراء دستوريين وقانونيين، أدخلوا تعديلاتهم على مواد هذا الدستور، بعد إجراء مراجعة شاملة ودراسة دقيقة لمضامينها، بحيث خرجت الوثيقة بشكل مختلف تماما عن دستور الإخوان». رويترز