صوت الفنانة «أم» يصدح في سماء الرباط اهتزت جنبات فضاء شالة بالرباط، مساء الأربعاء الماضي، على صوت الفنانة «أم الغيث»، المعروفة ب «أم»، وهي تمزج بين مختلف الأنواع الموسيقية والجاز، مسجلة بذلك بداية موفقة في جعل الدورة الثامنة عشرة لمهرجان الجاز بالرباط دورة نسائية بامتياز. وصدح صوت الفنانة «أم الغيث» الجياش بأغاني حسانية وأندلسية اهتز لها الجمهور الغفير الذي حج إلى مكان المهرجان، والذي ظل نصفه بالخارج مكتفيا بالإنصات دون التمكن من ولوج الفضاء. وطرحت المغنية «أم» ثالث ألبوم لها، الذي يمزج بين الجاز الأوروبي والموسيقى المغربية، حيث التقت بالخماسي الفرنسي بابانوش، وجسدت التنوع المغربي إذ أجادت في نفس الآن حركات كناوة والغناء بالمايكرو. الفنانة «أم»، ولدت بالدار البيضاء، وترعرعت في مراكش، حيث شغفت بالغوسبيل والتحقت مبكرا بمجموعة صوتية سرعان ما أصبحت مغنية منفردة بها، وبعدما أنهت دراستها سنة 2003، قررت التفرغ كليا للغناء مستلهمة من جذورها الصحراوية، لتؤدي أغاني تجمع في تناغم تام بين الجاز المحض وموسيقى كناوة والإيقاعات الحسانية. أما الخماسي بابانوش، الذي أمتع الجمهور بموسيقاه الخفيفة على الروح والتي عبر من خلالها على حالات المرح والفرح، فيعتبر مشروعا جماعيا ل «اهتزاز الواضحين الماسحين» وتطور إبداعه مع انخراط عازف الأكورديون سباستيان باليس وعازف البوق كونتان غوماري. وقد كان لأعمال الخماسي الفضل في إحياء موسيقى البلقان التقليدية وبث نفس جديد فيها ميزته القوة والحيوية. وعزف الخماسي بابانوش على منصة شالة موسيقى تبدو حتى لو كانت مكتوبة، مرتجلة، ذلك أنها تقدم سجلا صوتيا مفعما بنغمات بديعة، وتستعرض طاقة بدائية تتناغم فيها وتتقاطع منبهات السيارات وتغريد الطيور وصوت «نفار العيد» في المغرب، إضافة إلى أشياء أخرى. وشارك في الافتتاح أيضا الثلاثي السويدي ناوكو ساكاتا، الذي يتألف من ثلاث شخصيات موسيقية مليئة بالحيوية حلقت بالمتفرجين في عوالم موسيقية عذراء وتجولت به عبر ألحان مرتجلة معقدة وناعمة في نفس الآن. الثلاثي هو ثمرة لقاء بين سويديين ويابانية بأكاديمية الموسيقى والفنون الدرامية بغوتبورغ، وقد لفتت المجموعة الانتباه إليها بادئ الأمر في مسابقة يونغ نورديك جاز كوميتس سنة 2009، حيث فازت ناوكو ساكاتا بجائزة أفضل عمل منفرد لينال الثلاثي فيما بعد اعتراف الساحة الفنية الاسكندنافية. ثم ما لبث أن تلا هذا النجاح صدور قرص غنائي سنة 2010 نالت المجموعة بفضله شهرة داخل السويد وخارجها، أما الألبوم الثاني للمجموعة، الذي طرح مؤخرا، فحظي باهتمام كبير من طرف الصحافة التي تمتدح مزايا ثلاثي ناضج يعزف موسيقى «غنائية وفضائية». ويعتبر مهرجان شالة للجاز، الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي بالمغرب تشجيعا للحوار الثقافي، حدثا موسيقيا بارزا يسعى إلى استكشاف ثراء الجاز الأوروبي وإلى إتاحة اللقاء بين الفنانين من ضفتي المتوسط. وقد بات هذا التهجين علامة مميزة للمهرجان يساهم في نجاحه المتواصل. وستجمع الدورة 18 من «مهرجان الجاز بشالة» التي تستمر حتى 15 من شتنبر الجاري، 15 مجموعة موسيقية و56 موسيقيا من 14 بلدا أوروبيا، لكل واحد منهم بصمته الموسيقية الخاصة. ويبقى التنوع واللقاء والمشاركة السمات الأساسية التي ينفرد بها المهرجان والتي ستكون حاضرة بقوة في هذه الدورة، فضلا عن إفراد مكانة خاصة للمرأة. وتواصلت فعاليات المهرجان مساء أول أمس باستقبال ثلاث فرق موسيقية هي فوغارا (هولندا وألمانيا وفنلندا) والثلاثي كراندي وماثيو بورن (بلجيكا وفرنسا وبريطانيا) فضلا عن لقاء مع رباعي ادريس المالومي (المغرب). للتذكير فمهندسو مهرجان شالة هما الموسيقيان الكبيران مجيد بقاس وجون بيير بيسو.