أسدل الستار يوم الثلاثاء 20 يوليوز الجاري عن فعاليات الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية الذي أقيم هذه السنة تحت شعار «من أجل إبداع متنوّع». ضمّ برنامج المهرجان منابر متنوّعة نشطها باقتدار د. محمد بن حمودة وقد شملت تقديم عروض نقدية وتحليلية وتجارب إبداعية شخصية شارك فيها الناقد ابراهيم الحَيْسن (المغرب) الذي قدّم ورقة بعنوان «محدودية المغامرة وسطوة الميديا في الفن التشكيلي المغاربي/ قراءة في تجارب»، والباحث التونسي علي الجليتي الذي تناول موضوعا حول «الأبعاد الجمالية والتشكيلية للخطوط المغربية والأندلسية»، إلى جانب ما قدّمه الفنانان نزار ضاهر من لبنان وياسر صافي من سورية حول تجربتهما التصويرية والصباغية. إلى جانب ذلك، تم تكريم الرسام التونسي علي بن سالم رائد الرمزية المجازية في إطار الاحتفال بمئويته، شارك فيه كل من الناقد فاتح بن عامر الذي أعدّ بورتريها للمحتفى به وقراءة إجمالية في تجربته التصويرية باللغة العربية، والفنان الهادي النايلي الذي عرض ورقة عبارة عن شهادة في نفس الموضوع باللغة الفرنسية. كما تم تكريم الناقد التشكيلي ابراهيم الحَيْسن والباحث التونسي منذر المطيبع الحائز على الجائزة الثانية للبحث النقدي بالشارقة العام الماضي، إلى جانب مجموعة من الأساتذة الحاصلين هذا العام على الدكتوراه في الفنون التشكيلية، ويتعلق الأمر بسامي القليبي وعلي الجليتي من تونس وضياء الأعرجي من العراق. وبنفس المناسبة أقيم حفل توقيع رواية «قليل من الرغبة» للمبدعة والإعلامية التونسية منيرة الرزقي قدّمتها الأديبة رفيقة بن مراد التي قامت بقراءة تحليلية وتيماتية للرواية. وفضلا عن المنابر والتكريمات، شهد المهرجان إقامة العديد من الفقرات والمواد الفنية أهمها: ورشات تكوينية وإبداعية موجهة للأطفال والشباب والمحترفين مخصصة لإبداع نصب تذكاري يؤرخ لحياة الشاعر أبي القاسم الشابي، إلى جانب تصميم جدارية للفنان الموسيقي محمد جموسي وإقامة معارض للرسم والتشكيل (تصوير، نحت، سيراميك، حفر..) لفنانين من داخل وخارج تونس. كما شهد المهرجان تنظيم ملتقى طلبة الفنون الجميلة من تونس وليبيا والإمارات العربية المتحدة، وإحياء سهرات فنية تخللتها عروض في الباليه والموسيقى الشعبية لفرقة محترفة من صربيا وإبداعات شعرية من نظم الشاعر التونسي المنصف الوهايبي. يذكر أن مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية كان انطلق عام 1988 على يد مجموعة من الفنانين التشكيليين التونسيين الذين أسسوا جمعية ثقافية لإقامة المهرجان، وذلك في 18 ماي 1988 (صدر قانونها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عقب ذلك بسنة وبضعة أيام تحت عدد 41)، وكانت تضم آنذاك كل من يوسف الرقيق، اسماعيل حابا، الهاشمي بيبي، نجيبة شنيور..وآخرين ممن ساهموا في تحويل مدينة المحرس الجميلة الواقعة على الساحل الشرقي جنوب مدينة صفاقس إلى ورشة مفتوحة وقبلة للرسامين والنحاتين والنقاد العرب والأجانب؛ ونقلوها من مجرد قرية للصيادين والحوّاتين إلى محترف للتشكيل العالمي والحوار الثقافي والجمالي شاركت في إثرائه أسماء مبدعة كبيرة في الإبداع والنقد التشكيلي نذكر من بينها مثالا لا حصرا: من الفنانين التونسيين نجيب بلخوجة وسمير التركي ولطفي الأرناؤوط وعمر كريم وخليل علولو وصالح المرزوقي وخليل قويعة والهادي التريكي والهاشمي مرزوق وخليفة شلتوت، فضلا عن ضيوف عرب وأجانب مرموقين كمصطفى الحلاج وعبد الرزاق عكاشة والعراقي الكردي سيروان بران وطلال معلا وموليم العروسي والإسباني إدوارد إينيلاس رئيس المنظمة العالمية للفنون التشكيلية ولامبرتي بيل رئيسة الاتحاد التشكيلي البلجيكي والفنان السويسري ميكائيل قروسير عضو الجمعية العالمية والفنان الفرنسي المعروف جان مارك ديبا وغيرهم كثير. وعلى العموم، فقد تركت النسخة الثالثة والعشرين لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية استحسانا طيبا لدى المنظمين والمشاركين الذين استصدروا توصيات (سبق اقتراحها في دورات سابقة) تدعو إلى إقامة حي للفنانين وكلية للفنون الجميلة وتنظيم مسابقة دولية في المجسمات وفن النحت بشاطئ المدينة، فضلا عن تشييد متحف للفنون المعاصرة، لاسيما وأن تجربة مهرجان المحرس لعبت دورا كبيرا في تأسيس تظاهرات وفعاليات فنية عالمية مماثلة أبرزها تظاهرة طوني بوطون Tony Boutonne وبابل آرت Babel Art بمدينة ليل الفرنسية ومهرجان صوفيا ببلغاريا ومهرجان الفنون التشكيلية بالأردن..وغير هذه النماذج كثير.