المصلحة العليا للوطن والشعب هي التي تحدد اليوم موقع حزب التقدم والاشتراكية من يريد أن يفرض توجهاته السياسية فعليه أن يبحث عن دعم الشعب عوض اللجوء إلى المناورات الفوقية قال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام، لحزب التقدم والاشتراكية، إن المغرب يعيش ظرفية سياسية معقدة، وأن ما يحدد المواقف التي اتخذها حزب التقدم والاشتراكية، هو الخروج من هذه الوضعية ووضع المغرب في سكة الإصلاح. وأضاف بنعبدالله، خلال اللقاء التواصلي، الذي نظمه فرع حزب التقدم والاشتراكية بسطات، ليلة الجمعة الماضي، حول «الوضع السياسي الراهن والآفاق المستقبلية»، إن المغرب عاش فترة من الإصلاحات، كان فيها لحزب التقدم والاشتراكية مساهمة متميزة من خلال مواقفه الجريئة، التي أخذها قبل غيره من الأحزاب، بل وقبل غيره من الحلفاء، وهو ما جعل عددا من هذه الأحزاب والحلفاء، بعد أن وجهوا ضربات للحزب في مناسبات متعددة، يقول نبيل بنعبدالله، يلتحقون فيما بعد، بمواقف حزب التقدم والاشتراكية. وعاد بنعبدالله، إلى فترات من التاريخ السياسي المغربي، ليذكر الحاضرين، بمواقف الحزب المتميزة على المستوى الوطني والعربي والدولي، والتي جرت عليه الكثير من الانتقادات والتهم المجانية والضغوطات وغيرها في ذلك الوقت، قبل أن يؤكد الزمن مدى صوابها و صحتها، وأعطى مجموعة من الأمثلة، منها موقف الحزب من دخول النظام العراقي إلى الأراضي الكويتية، حيث اعتبر الحزب آنذاك، أن هذا خطأ تاريخي فادح، مذكرا في الوقت نفسه، كيف أن عددا من الأحزاب التي كانت تقف بنوع من الشعبوية الزائدة إلى جانب صدام، سرعان ماتراجعت عن هذه المواقف وتناست ما عبرت عنه من آراء في السابق. كما قدم نبيل بنعبدالله، مثالا آخر، لموقف الحزب من دستور 1992، الذي اعتبره آنذاك، فرصة أمام البلد لاستدراك ما ضاع، ومناسبة لمصالحة بين المؤسسة الملكية والقوى الوطنية الديمقراطية، لكن، يضيف بنعبدالله، كان موقف الحلفاء معاكسا، واستمر هذا الموقف عندما طرح التناوب في صيغته الأولى سنة 1993 وصيغته الثانية سنة 1994، قبل أن يساند الحلفاء دستور 1996، رغم أنه لا يختلف تماما عن دستور1992. أكثر من ذلك، يشير الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أنه كانت هناك محاولات لإبعاد الحزب من الكتلة الديمقراطية، بل وسرعان ما تناست هذه الأحزاب المواقف التي عبرت عنها وتناست شروطها ضمنها عدم حضور وزير الداخلية آنذاك ادريس البصري في حكومة التناوب. وأضاف أن الحزب وطيلة حياته الممتدة على 70 سنة، ظل يتلقى الضربات، من الاستعمار ومن الأوساط الرجعية، ومع الأسف، من عند الأوساط الوطنية والتقدمية في بداية الاستقلال، لكن كل ذلك، لم يزد الحزب إلا تشبثا بمواقفه وإصرارا على المضي في طريق الإصلاح. وبعد حديثه عن بداية فترة اعتلاء الملك محمد السادس العرش، واستجابته لعدد من المطالب المعبر عنها من طرف القوى الوطنية الديمقراطية، وقيامه بمجموعة من الإصلاحات التي همت قضايا متعددة، اعتبر بنعبدالله، أن انخراط حزب التقدم والاشتراكية في الحكومة الحالية، نابع عن قناعته بالاستمرار في ورش الإصلاح والحفاظ على المكتسبات. وأوضح الأمين العم للحزب، أن المصلحة العليا للوطن والشعب هي التي تحدد اليوم موقع حزب التقدم والاشتراكية، وأن هم الحزب ليس في أن يحصل على المراتب الأولى بأي ثمن، أو أن يدفع المجال السياسي إلى مجال منحط، لامستوى له، فقط لخدمة ما أسماه بال»أنا المفرطة» التي يمكن أن تكون عند البعض، مضيفا أن الحزب سيدافع عن موقعه كيفما كان الثمن الذي عليه أن يؤديه. واتهم نبيل بنعبدالله، جهات سياسية لم يذكرها بالإسم، برغبتها في وضع اليد على كل مصادر القرار السياسي منذ سنوات، بدعوى أن البلاد يتهددها خطر المد الأصولي الرجعي الإسلاموي، وذكر بنعبدالله في هذا الصدد، بالمعارك التي خاضها حزب التقدم والاشتراكية في إطار حكومة السي عبد الرحمان اليوسفي حول ما سمي آنذاك بخطة إدماج المرأة، قبل أن يستدرك، أن وقوف الحزب ضد محاولات الاستيلاء على المشهد السياسي، ووجه بالضغط على مناضلي الحزب ونوابه وقيادييه من أجل أن يغادروا الحزب أو يستقيلوا منه أو عدم الترشح باسمه. ورغم كل ذلك، يقول بنعبدالله، «صمدنا ولم نتراجع عن موقفنا»، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه حزب العدالة والتنمية في التصدي لمحاولة السيطرة على المشهد السياسي، قبل أن يأتي الربيع الديمقراطي، ليوجه صفعة حقيقية، بالنسبة لهذه المحاولات. وبعد اعتماد دستور جديد سنة 2011، عادت نفس الأطراف، حسب بنعبدالله، بصيغة جديدة، وشكلت تحالفا جديدا وصفه ب»رباعي الدفع» في مرحلة أولى قبل أن يصبح «ثماني الأضلع» في مرحلة ثانية، واعتبرت ذات الجهات أن الانتخابات قد حسم فيها، لكنه وفي المقابل، كان للشعب كلمة في الموضوع، من خلال صناديق الاقتراع التي منحت حزب المصباح قيادة الحكومة الحالية، وهو ما جنب المغرب على حد تعبير بنعبدالله ما يجري من أحداث في مصر وتونس وسوريا وما تعرفه هذه البلدان من حروب وفوضى عارمة. وقال في هذا الصدد، كل من ينسى في هذا البلد، أن للشعب كلمة، ستأتي حتما المناسبة، لتذكير الجميع، بأن للشعب كلمة. وقال أيضا، إن من يريد أن يفرض توجها ديمقراطيا تقدميا، أو توجها إصلاحيا ذا توجه حداثي، فليذهب إلى الشعب للحصول على دعمه، ويواكب قضاياه ويخدم مصالحه ويقنعه بمشروعه، أما المناورات الفوقية، وخلف الستار والمحاولات التي تتستر وراء المؤسسات، فقد وصفها بنعبدالله، بالمحاولات الانقلابية الصرفة على الديمقراطية وعلى المؤسسات. وأكد بالمناسبة، أن الحزب واضح في مواقفه، ولم يكن يوما انقلابيا على النظام، رغم الاعتقالات التي مست مناضليه في سنوات سابقة، واستشهاد آ خرين، وأنه يؤمن بالإصلاح وسيظل يطالب به، مع العمل من داخل المؤسسات، عكس البعض الذي يتقلب في مواقفه بين عشية وأخرى. وعن موضوع الفريق البرلماني للحزب ومحاولة البعض تقزيمه، قال بنعبدالله، إن الفريق البرلماني قائم، ولن يزحزحه أحد من مكانه، وان المجلس الدستوري قال كلمته في الموضوع وأن قراره غير قابل للطعن، وأن كل ما ينشر من طرف بعض وسائل الإعلام لا أساس له من الصحة، داعيا ممثلي وسائل الإعلام إلى التعامل بعمق مع مثل هذه الأمور.