نقاط ضوء في مسار لازال طويلا وشائكا بالرغم من قيام الدولة المغربية بتعديلات دستورية، وتنصيصها على عدد من الحقوق والحريات كتجريم التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري ، إلا أن عدم توفر الضمانات الدستورية والقضائية منها بالخصوص لأجرأة هذه الحقوق وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع، كما أن تقييد سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في الدستور بسقف الخصوصية يفرغ التنصيص على سموها من أي مضمون، بهذه الجملة قدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي لأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب والخاص بسنة2012. وأفادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي رسمت مرة أخرى صورة قاتمة لمسار حقوق الإنسان بالمغرب، بالنظر لما رصدته من تراجعات وخروقات التي طالت الحقوق المدنية والسياسية ، والتي حسب قولها تتحمل الدولة فيها المسؤولية إما مباشرة أو بكيفية غير مباشرة، أنها سجلت ارتفاعا في وتيرة الانتهاكات والخروقات التي تخص ممارسة الأفراد والجماعات لحقهم في حرية التعبير وحرية التجمع ،وتزايد التدخلات العنيفة والاستعمال المفرط لتفريق الاحتجاجات السلمية وكذا خرق حرية الصحافة وهيمنة الدولة على الإعلام العمومي، واستمرار الانتهاكات المتمثلة في الاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة، إضافة إلى استمرار الاعتقال السياسي... واعتبر أحمد الهايج الذي قدم لأول مرة بصفته رئيسا جديدا للجمعية التقرير السنوي لأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، صباح أول أمس الثلاثاء بالمقر المركزي للجمعية، أنه بالرغم من قيام الدولة المغربية تحت الضغط الجماهيري لحركة20 فبراير بتعديلات دستورية، إلا أن تلك التعديلات لازال تأثيرها على أرض الواقع محدودا، منتقدا في هذا الصدد تأخر الحكومة في إصدار الصيغة النهائية لمخططها التشريعي بل وتراكم هذا التأخر فيما يتعلق بإخراج القوانين التنظيمية الجديدة وكذا الأمر فيما يتعلق بملاءمة القوانين الحالية مع مقتضيات الدستور الجديد. نقطة الضوء الوحيدة في مسار حقوق الإنسان بالمغرب والتي نعتتها الجمعية بالإيجابية تخص إقرار الدستور، لأول مرة، الأمازيغية كلغة رسمية، وكذا الممارسة الاتفاقية للمغرب، إذ أعلن مصادقته على عدد منها وبالأخص الاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ، و البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والبروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية حول مناهضة التعذيب المتعلق بمراقبة أماكن الاعتقال والاحتجاز، والبروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ وأيضا التزام الدولة المغربية بالانضمام للاتفاقية الأوربية حول حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي. إلا أن المتحدث سرعان عاد إلى توجيه خطاب اللوم الشديد للدولة والتعبير عن قلق الجمعية لتأجيل ترسيم الأمازيغية التي أقرها الدستور الجديد، ولتلكؤ المغرب في التصديق على العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، وعدم تصديقه على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية 87 حول الحق في التنظيم النقابي، فضلا عن إصرار الحكومة على موقفه الممتنع عن التصويت على التوصية الأممية بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام ، وكذا تباطئه في استكمال إجراءات التصديق لدى هياكل الأممالمتحدة بشأن بعض الاتفاقيات الأممية التي سبق وأن أعلن مصادقته عليها. هذا وسجل التقرير السنوي أنه رغم مرور أكثر من ست سنوات على الإعلان الرسمي على مصادقة الملك على التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، إلا أن أهم وأغلب التوصيات الصادرة عنها لم تعرف طريقها إلى التنفيذ، مشيرا إلى أن من ضمن تلك التوصيات لا يتطلب سوى الإرادة السياسية لذلك من قبيل الاعتذار الرسمي والعلني للدولة، وعدم التكرار، وإلغاء عقوبة الإعدام والتصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات. ووجه التقرير سهام النقد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ، خاصة في مايتعلق بعدم استجابته من الناحية التنظيمية، لمبادئ باريس، وانصرافه، من الناحية العملية، عن متابعة ورصد الانتهاكات الجارية الماسة بالحقوق المدنية والسياسية وبحقوق الفئات، بل وتماهيه في الكثير من الأحيان مع خطاب الدولة. وهاجم التقرير بشدة المؤسسات السجنية لاستمرار إعمال المقاربة الأمنية ، حيث نعت واقعها بالمتردي الذي لايزال يعرف انتهاكات خطيرة لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء . ووقف التقرير على ما |أسماه إخلال الدولة بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعدم تقيدها تشريعيا وواقعيا بالإعمال الفعلي لتلك الالتزامات بصفة عامة. كما انتقد التقرير القضاء، وسجل استمرار عدم استقلاليته، مذكرا في هذا الصدد بتشكيل هيئة وطنية للحوار حول إصلاح العدالة،والتي رفضت الجمعية المشاركة فيها ،مبرزا أن هذه السنة شهدت استمرار مطالبة القضاة باستقلالية القضاء وكفاءته ونزاهته، الأمر الذي ووجه أحيانا بالتضييق كما هو الحال بالنسبة لأعضاء نادي قضاة المغرب. كما لم يفته الإشارة إلى الخروقات التي تطال حقوق النساء والأطفال والمهاجرين والمعاقين، مبرزا بشأن حقوق المرأة على أنها لم تشهد تقدما ملموسا مقارنة بالسنة الماضية. كما أبرز بشأن حقوق الطفل غياب الحماية من الاستغلال الاقتصادي والعنف والاعتداءات الجنسية، حيث سجل استفحال جرائم الاغتصاب وزنى المحارم ، وتنامي ظاهرة الأطفال المتشردين والممتهنين لأنشطة هامشية، كبيع السجائر بالتقسيط ومسح الأحذية والتسول.