دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الأميركيين إلى ضبط النفس وسط تزايد الغضب في أوساط الناشطين المدافعين عن الحقوق المدنية واحتجاجات شعبية بعد تبرئة رجل قتل شابا أسودا، وأعزلا. وعمت تظاهرات كبرى المدن الأميركية وخصوصا نيويورك وسان فرنسيسكو وشيكاغو، أمس، احتجاجا على قرار هيئة محلفين في فلوريدا تبرئة جورج زيمرمان الحارس المتطوع الذي قتل فتى أسودا في فلوريدا سنة 2012، في ختام محاكمة أثارت جدلا حول العنصرية في الولاياتالمتحدة. وحث أوباما، أول رئيس أسود للولايات المتحدة، الأميركيين على قبول حكم المحكمة. وقال في بيان «نحن دولة قانون، ولقد أعطت هيئة المحلفين كلمتها»، مضيفا «الآن أطلب من كل أميركي أن يحترم الدعوة إلى التفكير بهدوء التي أطلقها والدان فقدا ابنهما الشاب». وقد أطلق جورج زيمرمان (29 سنة) الرصاص على تريفون مارتن (17 سنة) في إحدى ليالي فبراير 2012 عندما كان يقوم بحراسة أملاك مسيجة إثر عراك معه. وذكرت وزارة العدل، من جهتها، في بيان أوردته عدة وسائل إعلام، أن تحقيقا فدراليا فتح في القضية منذ السنة الماضية، وجاء في البيان أن «مدعين فدراليين لهم خبرة طويلة سيحددون ما إذا كانت الأدلة تشير إلى انتهاك للقوانين الفدرالية الجنائية المتعلقة بالحقوق المدنية والتي يمكن أن تترتب عليها ملاحقات قضائية». وربط الرئيس الأميركي بين مقتل الشاب الأميركي والمشاكل المحيطة باستخدام الأسلحة في الولاياتالمتحدة، وكان أوباما حاول لكنه فشل في تمرير إجراءات لفرض ضوابط جديدة أمام الكونغرس في وقت سابق هذه السنة. وقال أوباما «يجب أن نسأل أنفسنا كأفراد وكمجتمع، كيف يمكننا أن نمنع مثل هذه المآسي في المستقبل، هذا واجبنا جميعا كمواطنين، هي طريقة نكرم بها ذكرى تريفون مارتن». وكانت شرطة فلوريدا امتنعت في بادئ الأمر عن توجيه التهم إلى زيمرمان ما أثار تظاهرات احتجاج كبرى، ثم أوقف في أبريل 2012 ووجهت إليه التهم بالقتل من الدرجة الثانية. وكان أوباما أعرب عن حزنه العميق بعد شهر على مقتل الشاب في مارس 2012 وقال «لو كان لدي ابن لكان سيشبه تريفون». ووصف مقتل مارتن بأنه» مأساة ليس فقط لعائلته وليس فقط لمحيطه وإنما لأميركا». لكنه دعا الأميركيين إلى المزيد من التعاطف والتفهم. يشار إلى أن قانونا اعتمد في فلوريدا عام 2005 يتيح لأي شخص الدفاع عن نفسه في حال تعرضه لتهديد بواسطة السلاح. من جهته اعتبر رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ في بيان أن مثل هذا النوع من القوانين «يشجع المواجهات الدموية عبر السماح للناس بإطلاق النار أولا ومن ثم القول إنه (قتل مبرر)». ونظمت عدة تظاهرات في مختلف أنحاء البلاد لا سيما في نيويورك حيث تظاهر آلاف الأشخاص بعد الظهر وسط مراقبة مشددة من الشرطة لكن دون أن تسجل حوادث. وقال أحد الخطباء ويدعى رودني رودريغي «لدينا مشكلة عرقية كبرى ولدينا مشكلة أخرى هي الأسلحة النارية، لو لم يكن زيمرمان يحمل السلاح، فلم يكن ليقتل ترايفون مارتن». ومنذ إعلان الحكم مساء السبت، خرجت تظاهرات عفوية في سان فرانسيسكو (غرب) وشيكاغو (شمال) والعاصمة واشنطن واتلانتا (جنوب شرق) وفيلادلفيا (شرق). ودار النقاش الحامي طوال فترة محاكمة زيمرمان التي بثتها محطات التلفزة بشكل مباشر على مدى ثلاثة أسابيع وتوصلت هيئة محلفين مؤلفة من ست نساء (خمس بيضاوات وواحدة من أصل أسباني) إلى أن المتهم جورج زيمرمان، وهو أبيض من أب أميركي وأم بيروفية، كان في حالة دفاع عن النفس، وهو بالتالي بريء من تهمة القتل العمد للضحية ترايفون مارتن. وتمسك فريق الدفاع عن زيمرمان خلال المحاكمة بأن موكله أطلق النار على ترايفون دفاعا عن النفس خلال شجار بينهما، وهي الرواية التي أخذت بها المحكمة. بينما قال الإدعاء إن زيمرمان تعقب المراهق وهو في طريقه إلى منزله من متجر للحلوى، وأعرب عن كراهيته للمراهقين المحليين خلال اتصال هاتفي بالشرطة قبل لحظات من إطلاق النار. يبلغ عدد السود في الولاياتالمتحدة 40 مليون نسمة من أصل 300 مليون هم إجمالي عدد السكان، ولذلك لا يمثلون بالتالي سوى 13% من السكان، ما يجعل منهم ثالث أكبر مجموعة أميركية بعد المنحدرين من أميركا اللاتينية البالغ عددهم 42 مليون نسمة.